الكتاب

أحمد يوسف التاي يكتب: أقيلوا هذا الوالي قبل التحرير

نبض للوطن

 

(1)
اختيار أي مسؤول ووضعه في موضعٍ لايناسبه يكشف حجم اختلال معايير الاختيار بالدولة…
واختيار مسؤول فاشل وغير مؤهل لشغل منصب ما في الدولة، يعكس ضعف الدولة وغفلة قيادتها…
واستمرار المسؤول الفاشل في موقعه رغم فشله يعني أن الدولة تُدار بالعواطف والشلليات..
ظللتُ أكرر الحديث عن مواصفات رجل الدولة الصارم الحازم، الليِّن الهيِّن، الحكيم الحاسم، المدرك لمسؤولياته الأخلاقية والوطنية..الصارم الحازم الذين يضع الصرامة والحزم في موضعهما لايتهاون في أمن المواطن ومأكله وصحته…الهيِّن الليِّن الذي يضع اللين في موضعه رحمةً بالضعفاء، وإشفاقاً بالبؤساء..رجل الدولة الذي يضع أمن الأمة ومصالحها في قمة اولوياته بما تستوجبه عليه مسؤولياته الوطنية والأخلاقية، لايداهن ولايماري ولايتملق من أجل بقائه في الكرسي المعطوب.
(2)
أقول ذلك وأمامي نموذجين من الولاة الذين تعاقبوا على حكم ولاية سنار.. هما الوالي الحالي والذي سبقه..
قبيل حرب 15أبريل ببضعة أشهر ، وقف والي الولاية السابق العالم إبراهيم النور مدافعاً عن حق حميدتي في الاستثمار بولاية سنار..ويقول أن من حق قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي أن تنافس الآخرين في خارطة المشاريع الاستثمارية بالولاية…حينها تصدينا له و(قريبه) حميدتي وقلناها بالصوت العالي وقتها:ليس من حق حميدتي وهو ثاني أكبر مسؤول في الدولة أن ينافس الآخرين في التجارة والاستثمار ، وليس من حقه أن يمارس عملا تجارياً أو استثمارياً يستغل فيه نفوذه السلطوي، فمنذا الذي ينافس رجل يمسك بكل مفاصل الدولة ويتحكم فيها كما لو أنها مِلكه وحده ..وقطعاً فإن والٍ كهذا يحاول المحافظة على كرسية باي ثمن، يتقرب لكبار المسؤولين بالدولة ويتجاوز القوانين لايصلح لهذا المنصب..وقد كان متهاوناً في أمن الولاية حتى أن بعض الصحافيين كتبوا عن علاقته بالدعم السريع وقد سجلوا عليه كثيراً من النقاط التي حُسبت عليه تفريطاً في أمن الولاية، وقد حامت حوله شبهة العلاقة الخفية بالدعم السريع وذلك من فُرط تهاونه في المسألة الأمنية..
(3)
أما والي الولاية الحالي، يأخذ عليه الكثيرون خاصة في محلية الدندر، الشعبيون وبعض الرسميين أنه تعامل مع ملف الأمن بكثير من التهاون واللامبالاة، وتجاهل الكثير من التقارير المكتوبة والشفهية، وضرب عرض الحائط بكثير من التحذيرات التي جاءته من الناصحين المخلصين..
فقد كانت التحذيرات والتقارير تترا على مكتبه بل أن التهديدات العملية كادت أن تطرق باب مكتبه، وقُطاع الطرق على ظهور المواتر يملأون الآفاق وحوادث النهب بطريق غرب الدندر يسير بها الركبان، ولكنه للأس تعامل معها بمنتهى الرخوة والغفلة والإسترخاء الأمني حتى وقعت الواقعة..
(4)
كان الشعبيون يحذرون الوالي الحالي “توفيق محمد علي” من خطر داهم يكاد ينفجر من بين يديه ومن خلفه وذلك قبيل سقوط ولايته، ويلفتون انتباهه بقوة إلى فتنة لا تصيبن الذين ظلموا خاصة، كانوا يُبَصِّرونه بنار تحت الرماد يكادُ أن يكون لها ضرام ، فإذا هو يستقبل أرباب الفتنة بمكتبه ويقبل هداياهم ويأمن مكرهم ويطيح بكل النصائح والتحذيرات والتنبيهات في غفلة يُحسد عليها، حتى وقعت الواقعة.
(5)
وعندما كانت ساعة الصفر لاقتحام جحافل التتار لمدينة الدندر كنتُ شاهداً على الأحداث أدوِّنُ ملاحظاتي …لم تأت عناصر النهب والتخريب من خارج المدينة إلا قليلاً، فقد كانت المدينة مكتفية ذاتياً بعناصر صنعها الإهمال والتقصير واستولدتها الغفلة ورعاها الاسترخاء الأمني الذي عم جسد الولاية قبل الاقتحام والسقوط..
فلو أن الوالي تعامل مع التحذيرات والنصائح والتقارير بجدية لكان الأمر مختلف ولما حدث لقرى غرب الدندر وشرقها الذي حدث من حرق ونهب وتقتيل وإذلال
ولكانت مصائب بيضا، ودرابة وحلة بلة، واروما و قردية وجبور وود باشوش وأم نمل..الخ….لكانت أخف قدراً، ولما عاث الدعامة المحليون فسادا في القرى والبوادي…
فلو أنه أخذ النصائح والتحذيرات محمل الجد لما استطالت يد المجرمين للنيل من كل الناس ومايزالون يسرحون بلا كابح ولما سقطت الدندر أصلاً..
كان الناس يحذرون لإحتواء الأمر ومحاصرة الأخطار قبل أن تستفحل وتتمدد وتغذيها النعرات القبلية والضغائن والثارات والرغبة الجامحة في الانتقام ..ولكنها الغفلة التي لاتشبه رجال الدولة…اللهم هدا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك عي الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.
نواصل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى