“الجنرال الصامت” يشعل الساحة السودانية ويغادرها في هدوء..ماذا في حقيبة “عبد المعروف”
قراءة : أحمد يوسف التاي
(1)
أثارت عودة رئيس هيئة الأركان السابق كمال عبد المعروف إلى بورتسودان سراً ولقائه بالقائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، أثارت جدلاً واسعاً في المسرح السوداني على صعيده السياسي، كما لو كان الشارع السوداني يترقب وينتظر هذه العودة ويعلق عليها آمالاً..
عبد المعروف وصل بورتسودان كما لو كان متخفيا ، وبعيداً عن أعين الإعلام والكاميرات ،دخل المدينة في هدوء تام وغادرها دون ضوضاء إلا أن زيارته القصيرة ومغادرته السريعة أشعلت المشهد السوداني ولفتت الأنظار سواءً بسواء مع أخبار الحرب والدمار وأشلاء الموتى وشلالات الدماء ، وزاحمت أخبار السيول والأمطار وضحاياها الكُثُر.
(2)
بإلقاء نظرة فاحصة لطبيعة هذا الرجل الذي يصفه العسكريون ب “الصامد الصامت”، و “رجل المهام الصعبة”، وبالنظر إلى الظرف الدقيق الذي يمر به السودان حالياً، والظروف والإقليمية والدولية المرتبطة بالأزمة السودانية، ونظراً لطبيعة الزيارة الخاطفة التي تمت بسرية بعيداً عن الذيوع، لابد لأي مراقب سياسي أن يطرح أسئلة بحاجة إلى إجابات..
ماطبيعة هذه الزيارة الخاطفة من القاهرة والمغادرة العاجلة إليها؟
وماهي المهمة التي اقتضت الوصول والمغادرة على هذا النحو من العجلة؟ ولماذا كمال عبد المعروف دون غيره؟
(3)
هناك عدة سيناريوهات لزيارة عبد المعروف لمدينة بورتسودان ومقابلة البرهان ويمكن تفصيلها على النحو التالي وفقاً لمعطيات محددة:
السيناريو الأول:
لم يُستبعد أن يكون عبد المعروف، المعروف بمهنيته وعسكريته “القحة” واحترام العسكريين له، أن يكون اختير لمهمة صعبه ،كيف لا وقد درج زملاؤه في الجيش أن يطلقوا عليه عبارة (رجل المهام الصعبة)..
والآن ليس هناك أصعب من الأزمة الحالية والتي يصطدم فيها ” الخارج” بموقف صلب للجيش وقائده البرهان إزاء مفاوضات جنيف.
ويشير هذا السيناريو إلى أن عبد المعروف ربما أتى لتبليغ البرهان برسالة أو مقترح من الخارج لحل الأزمة تبدو فيه مصر اللاعب الرئيس.
أو ربما اقتضت مهمة الرجل محاولة تليين موقف البرهان وتقديم بعض التنازلات والعودة للتفاوض.
السيناريو الثاني:
ولما كان كمال عبد المعروف يتمتع بعلاقات جيدة مع البرهان ربما اقتضت المهمة اختيار الأول ليبلغ الثاني رسالة حساسة يطلب فيها تنحيه عن قيادة الجيش ورئاسة مجلس السيادة على غرار ماطلبته قيادات بالجيش من البشير فجر 11ابريل 2019 لتقديرات ربما تراها بعض قيادات القوات المسلحة ولا نراها.
السيناريو الثالث:
يقوم هذا السيناريو على فرضية أن عبد المعروف جاء إلى بورتسودان ليبلغ البرهان رسالة محددة وهي العمل على ضرورة تشكيل وفد رفيع من الجيش والدفع به إلى جنيف للتفاوض وعدم الالتفات إلى ضغوط أنصار النظام السابق لتجنيب البلاد مزالق الحرب والدمار والتدخلات الأجنبية وضرورة السباحة مع تيار الإدارة الامريكية الداعي لوقف الحرب وتفادي أية مواجهة مع المجتمع الدولي أو أية عقوبات محتملة، وهذا بالتأكيد أمر يقتضي الحديث السري عن ضرورة فك ارتباط البرهان بالضباط الاسلامين داخل المؤسسة العسكرية وإبعاده من دائرة تأثيرهم.
وهذا السيناريو أيضا تلعب فيه القاهرة الدور الرئيس،
ويعزز هذا السيناريو أن مصر باتت تتحرك حيال الأزمة السودانية وفقا للرغبة الأمريكية، وأنها أيضاً تحتضن بأراضيها كثيرا من كبار ضباط الجيش السوداني المؤثرين أمثال ابنعوف وقوش وحتى عبد المعروف نفسه وطالما أنه قادم من هناك فإن فهذا ما يدعم هذا السيناريو.
ومهما يكن الأمر وكيف ما كان فإن الزيارة جاءت في توقيت حساس وظرف دقيق لا هم فيه للسودانيين غير قضية الحرب ونتائجها وكيفية نهايتها مما يعني أن مهمة عبد المعروف لاتخرج عن هذا السياق.
هذا والله أعلم