(1)
الحقيقة الواضحة بجلاء أن قوات الدعم السريع الآن في أضعف حالاتها .. لكن أيضاً الحقيقة المُقابِلة لها والأكثر إيضاحاً وجلاءً أن أمريكا ودولاً غربية وأفريقية وعربية لن تدع الدعم السريع تنهار وتضعف عسكرياً، ستأتيها بالإمدادات العسكرية بطرقٍ شتى، عبر بعض الجيران وقوافل المساعدات الإنسانية، وطرق أخرى.
وأما ثالثة الأثافي أن طبيعة بلادنا المترامية الأطراف وحدودها المفتوحة وإمكانياتنا المحدودة ستحد من قدراتنا على الرقابة.
(2)
الحقائق الثلاث أعلاه تفرض واقعاً لابد من التعامل معه بواقعية وموضوعية، وهو أن الجيش السوداني في حال إعتماد الحرب كوسيلة للحل، سيواجه تمرداً مدعوماً من الخارج بأحدث الأسلحة والمعدات العسكرية والآليات الحربية مما يطيل أمد الحرب على ذات النحو الذي حدث إبان تمرد الجنوب حيث استمرت الحرب (21) عاماً رغم أن الجيش السوداني كان في أوضاع عسكرية جيدة، وذلك بسبب تدفق الإمدادات العسكرية من الخارج عبر طائرات الإغاثة، إذ كانت المنظمات الأجنبية تتنافس وتتبارى في تسريب الأسلحة لحركة قرنق حتى أن دولاً عربية وإسلامية حجزت مقاعدها في ماراثون دعم حركة قرن، وبالمقابل دعمت إيران والعراق الجيش السوداني الأمر الذي أطال أمد الحرب، فما أشبه الليلة بالبارحة، وكأن التأريخ يأبى إلا أن يعيد نفسه ولكن لا أحد يعتبر من التأريخ حتى القريب جداً.
(3)
وتأسيساً على الواقع أعلاه فإن بلادنا مع إطالة أمد الحرب ستتحول إلى ساحة واسعة لسباق الاستخبارات الدولية والتدخلات الأجنبية أكثر مما هي عليه الآن، فكل طرف من الأطراف يحاول أن يستعين بالخارج ويقبل بشروط الدعم التي تُملى عليه بكرةً وأصيلاً تحت وطأة الحاجة للتحالف وتحقيق إنتصارعلى أية شاكلة، بينما تتحول ساحة الأحزاب السياسية إلى ساحة عمالة وارتزاق وإرتهان للأجنبي..
الصورة أعلاه لن يكون السودان مبتدع فيها، فقدروى لنا التأريخ قصصا عن تحالفات تمت مع اجانب للتغلب على الخصوم والفرقاء في الدولة الواحدة وتحقيق انتصار بأي ثمن ولو انطوى هذا الانتصار على خسارة وطنية وبيع الوطن للأجنبي بالمرة.. هكذا حدثنا التأريخ.
(4)
إذن وبناءً على ماتقدم وتأسيساً عليه فيمكن القول أن الخروج من هذه السيناريوهات المحتملة لايكون خروجاً آمناً. إلا عبر خيارين لاثالث لهما:
الأول:الوصول إلى تسوية سياسية توقف الحرب ولاتغفل الجرائم الفظيعة التي ارتكبت بحق الشعب والمحاسبة عليها، وذلك عبر مفاوضات جادة وواضحة وصريحة.
الثاني: تحييد الداعمين لحرب الدعم السريع عبر تواصل مباشر وعقد صفقات واتفاقيات معها هدفها تجفيف الدعم الخارجي من قوات الدعم السريع ..
لكن التخطيط للحسم العسكري في ظل استمرار الدعم الخارجي للدعم السريع سيواجه كثيراً من العقبات ويطيل أمد الحرب التي سيدفع ثمنها المواطن السوداني وحده لا شريك له في الآلام والأوجاع والتشريد والإذلال والحاجة حتى وإن كان في الولايات الآمنة…اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.