قررت شركة بتروناس انسحابها من جنوب السودان بعد 14 عامًا من نشاطها في هذه الدولة الأفريقية، موضحةً أن هذه الخطوة تأتي في إطار خطة استثمارية طويلة الأمد، في ظل الظروف المتسارعة في مجال تحول الطاقة.
قبل أن تتخذ الشركة قرارها، قامت شركة “سافانا إنرجي” البريطانية بإلغاء صفقة شراء أصول النفط والغاز المملوكة للشركة الماليزية في جنوب السودان، والتي كانت بقيمة 1.25 مليار دولار.
استمر التفاوض بين الشركتين حوالي عام ونصف، بعد انطلاق محادثات صفقة الاستحواذ في 12 ديسمبر 2022، وفقًا لتطورات الصفقة التي نقلتها منصة الطاقة المتخصصة ومقرها واشنطن.
تتزامن هذه التطورات مع سعي جنوب السودان لتعزيز الاستثمارات الأجنبية في مجال النفط، بهدف تجديد البنية التحتية وضمان تنوع المنتجات وإنشاء شبكة من خطوط الأنابيب، في ظل التداعيات الناتجة عن الحرب الحالية في السودان والتي أثرت على صادرات النفط.
تفاصيل الانسحاب
أفادت شركة بتروناس كاريجالي نايل المحدودة، التابعة لشركة بتروناس الماليزية التي تملكها حكومة الدولة الآسيوية، أن دراسة قرار انسحابها من جنوب السودان استغرقت عامين، وذلك في إطار توافقها مع استراتيجيتها الاستثمارية طويلة الأجل نظراً للتغيرات في بيئة قطاع النفط وتسارع انتقال الطاقة، حسبما ذكر موقع أوف شور إنرجي.
كانت مشاركة الشركة الماليزية في صناعة النفط والغاز في دولة جنوب السودان تعتمد على شركة تشغيل مشتركة مع ثلاث مؤسسات أخرى، للعمل في منطقة الاستكشاف، وفقًا للبيانات المنشورة على موقع بيزنس تايمز.
بموجب هذه الشراكة، كانت بتروناس تمتلك حصة تبلغ 40% في المربع “3/7″، و30% في المربع “1/2/4″، و67.9% في المربع “5 إيه” من المشروع.
كانت أصول شركة بتروناس تتضمن حصصًا في 64 حقلًا نفطيًا، حيث بلغ متوسط إنتاجها 153.200 برميل يوميًا في عام 2021.
تشترك بتروناس في المشروع مع كل من: الشركة الوطنية الصينية للنفط، شركة سينوبك الصينية، الشركة الهندية للنفط والغاز الطبيعي المحدودة، والشركة الوطنية للنفط في جنوب السودان.
أصول جنوب السودان
حقق إنتاج بتروناس من النفط في السودان وجنوب السودان أكثر من 25% من إجمالي إنتاج الشركة على مستوى العالم خلال الفترة ما بين 2002 و2011، وفقاً للمعلومات المنشورة على موقع إس أند بي غلوبال (S&P Global).
شهد إنتاج الشركة في تلك الدولة الأفريقية انخفاضًا منذ عام 2012 نتيجة للإغلاقات الناجمة عن الصراع السوداني الذي أدى إلى انفصال جنوب السودان عن السودان.
انخفضت استثمارات بتروناس في الدولتين الأفريقيتين بعد عام 2012 نتيجة لتراجع الإنتاج. وفي عام 2020، اتخذت قرارًا بعدم المشاركة في جولة الترخيص الخاصة بجنوب السودان لعام 2021.
في عام 2022، أظهرت الشركة الماليزية وشريكتها الصينية ترددًا في تمويل المزيد من مشاريع التنمية طويلة الأمد في جنوب السودان.
ساهمت عوامل متعددة، مثل الانخفاض الكبير في الإنتاج وقلة فرص النمو، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية، وانخفاض اهتمام المستثمرين بجنوب السودان، في تشكيل القرار الخاص بانسحاب بتروناس من البلاد.
تراجع الإنتاج
أدت الحرب الدائرة حاليًا في السودان، والتي أثرت بشكل سلبي على عمل مصفاة الخرطوم، إلى عرقلة قدرة جنوب السودان على تصدير نفطه.
تسببت التوترات في السودان على طول خط أنابيب “بترو دار” -وهو واحد من أهم خطوط الأنابيب في البلاد- في منع وصول حوالي 100 ألف برميل يومياً من مزيج دار الثقيل إلى محطة بشاير للتصدير على البحر الأحمر منذ فبراير الماضي، وفقاً للمعلومات التي نُشرت على منصة أرغوس ميديا المعنية بشؤون الطاقة.
تعتمد جنوب السودان بشكل كامل على السودان في تصدير النفط الخام، حيث تمثل إيراداته أكثر من 90% من دخل البلاد. كما يقوم خط أنابيب بترودار بنقل حوالي ثلثي إجمالي صادرات جنوب السودان