تمر علينا اليوم الذكرى الخامسة للانقلاب المشؤوم للجنة الأمنية التي عملت على تجاوز المؤسسية والانفراد بالقرار ظنّا من قادتها أنهم بذلك الانقلاب المشؤوم يحافظون على أمن البلاد كما زينت لهم دوائر المخابرات الأجنبية، ودون دراية بالتبعات والعواقب ودون قراءة حقيقية لواقع البلاد حينها وحجم التحدي والاستهداف الخارجي الذي كان واضحا وجليا لكل ذي بصيرةٍ سياسية ومعرفة بتعقيدات حكم وإدارة الدولة السودانية تاريخيا.
إن مآلات ذلك الانقلاب المشؤوم ظلت تعاني منها بلادنا وشعبنا بشدة، تدهور في الأوضاع الأمنية غير مسبوق،تدهور اقتصادي شامل وتجريف لمنظومة قيمه، ومن تبعاتها حالة التمزق السياسي والاستباحة الكاملة والمتجاوزة لسيادة البلاد والتدخل السافر في شئون البلاد من الدول في الجوار والإقليم ومن جماعات المصالح الخارجية ، قادت هذه الأمور وغيرها مجتمعة إلى اندلاع هذا الحريق الذي يفتك بالبلاد ، هذه الحرب التي( أشعلتها مليشيا الدعم السريع المتمردة وظهيرها السياسي من أحزاب وجماعات قحت)قضت على ما تبقى من مقدرات البلاد وأثرت في المجتمع والدولة بشدة .
إن الحرب البغيضة التي داهمت السودانيين ، وما رافقها من انتهاكات واسعة وممنهجة لحقوق الإنسان خاصةً النساء والأطفال والتهجير والنزوح القسري الذي تم للمواطنين العزل منذ أبريل ٢٠٢٣م؛لهي جرح غائر في روح الأمة ومأساة غير مسبوقة؛ إلا أن الشعب السوداني بصموده الأسطوري وروحه ومواقفه الوطنية العالية وتمسكه بحقه في الدفاع عن الأرض والعرض ، وتماسك المؤسسة العسكرية التي علمت حجم المؤامرة واستجابت سريعا بالتعامل الاحترافي مع غدر المليشيا المتمردة؛أكسبها احترام وسند الجماهير الصابرة ، وكسّر أسهم الغدر والعمالة وميّز الصفوف .
إن ما ترتب على ذلك الانقلاب المشؤوم كشف زيف الشعارات والادعاءات الكذوب والاتهامات الباطلة التي طالت تجربة الانقاذ وسعت لتشويه تجربتها في الحفاظ على البلاد _أمنها ولحمتها المجتمعية واقتصادها النامي وسيادتها المصونة _ولقد كانت تجربة إنسانية اجتهدت في خدمة السودان وشعبه ، أصابت وأخطأت هنا وهناك لكنها قادت نهضة غير مسبوقة في تاريخ السودان ، ولا شك فقد علم الجميع قيمتها في ظل هذه الكارثة الوطنية .
إننا وبعد خمس سنوات من المصابرة والمجاهدة والمراجعات المستمرة بهدف التقييم والتقويم ، نقف اليوم كعهدنا صامدين في صف هذا الشعب العظيم ، وبين أبنائه مدافعين عن قيم شعبنا وأمن بلادنا الأبية واستقلال قرارها مقدمين أرواح شبابنا جنبا إلى جنب مع شباب السودان وجيشه (متجاوزين كل ما حل بحزبنا وعضويتنا من أوجه الاستهداف والتنكيل المختلفة وليس طمعا في استعادة سلطة ولكن دفاعا عن وطن من أن يختطف ويباع أو أن يتفتت كيانه). إننا نمد أيدينا بيضاء لكل القوى الوطنية الحيّة للوقوف صفاً واحداً لأجل السودان الذي نتشارك جميعا في رسم مستقبله ومسار تطوره للأمام. هذا النهج الذي ابتدرناه في تجربتنا التي استصحبت الجميع دون استثناء ،، وقد كان دستور ٢٠٠٥ الذي توافقت عليه كل القوى السياسية ومن بعده أنجزنا وبمشاركة أكثر من مائة حزب وحركة مسلحة (وثيقة الحوار الوطني) التي كانت تتويجاً لذلك النهج الذي بدأ منذ بدايات الانقاذ وهي في سنتها الأولى(مؤتمرات الحوار الوطني حول مختلف قضايا الوطن الكبرى)،وكل ذلك أنتج أوسع مشاركة وطنية ناضجة وفاعلة في تحمل أعباء المسؤولية الوطنية لأجل الوطن.
إننا ندعو في هذه المرحلة المفصلية في تاريخ السودان لوحدة الصف الوطني ودعم القوات المسلحة في حربها ضد الغزاة والبغاة ولدحر أطماع الدول والمنظمات التي ما أرادت للسودان خيرا قط . كما ندعو لجبهة وطنية عريضة تشمل كل القوى السياسية الحرة والمستقلة سندا للقوات المسلحة حتى تحقيق النصر العظيم على كل المتآمرين في الخارج وأذنابهم في الداخل.
حفظ الله السودان وأهله
وأعاد لنا وطننا بصف متماسك أكثر منعة” وأصدق رجالا.
11 أبريل 2024م