اشتباكات القبيلة الحاكمة.. ما صداها في انتخابات رئاسة تشاد؟
تتضح شيئا فشيئا خلفيات الاشتباكات المسلحة التي وقعت بين أجهزة الأمن وأعضاء في “الحزب الاشتراكي بلا حدود” المعارض في تشاد، حيث برز فيها عامل الصراع داخل القبيلة الحاكمة قبل شهرين من إجراء الانتخابات الرئاسية.
والأربعاء، أعلنت الحكومة التشادية القبض على زعيم “الحزب الاشتراكي بلا حدود”، يحيى ديلو، وآخرين، بتهمة التحريض على مهاجمة مقر المخابرات ومحاولة اغتيال رئيس المحكمة العليا في البلاد.
ووفق مصادر تحدّثت لموقع “سكاي نيوز عربية”، فإن هذه الاشتباكات هي صدى لصراع أجنحة داخل قبيلة الزغاوة الحاكمة في تشاد، فيحيى ديلو هو ابن عمة الرئيس الانتقالي للبلاد، محمد إدريس ديبي، وانضم إلى حزبه صالح ديبي، عم الرئيس، ومتوقّع أن يلقي هذا الصراع بظلاله على الانتخابات الرئاسية المقررة مايو المقبل، والمرشح فيها الرئيس الانتقالي.
فوضى داخلية
مدير مركز رصد الصراعات في الساحل الإفريقي، محمد علي كيلاني، يصف ما يجري بأنه “بداية لإنشاء فوضى داخلية على يد المعارضة قبل الاستحقاق الرئاسي، خاصة أن ديلو وصالح ديبي في أغلب الأحوال فوق القانون”.
وحسب توضيحات كيلاني، لموقع “سكاي نيوز عربية”، فإن هذه الأحداث “ليست الأولى من نوعها بين الأسرة الحاكمة وطرفها المعارض المتمثّل في يحيى ديلو، والذي سبق أن دخل في شجار سياسي مع الرئيس الراحل إدريس ديبي خلال الانتخابات الرئاسية التي سبقت مقتله، وتسبّب هذا الشجار في خلافات عميقة، أدت إلى مقتل والدة ديلو.
ويتوقّع كيلاني أن صالح ديبي، شقيق الرئيس الراحل، يقود جماعات مسلّحة تقوم بالفوضى ضد أبناء أخيه لتصفية حسابات شخصية؛ حيث يتزعم منظمة قبلية سياسية تسمّى “M29” وهي منظمة “تتسم بالعنصرية، وأسهمت في تعميق الخلافات بين المجتمعات المحلية في تشاد”، حسب وصف كيلاني.
وقُتل إدريس ديبي في أبريل 2021 على يد حركة “فاكت” المتمرّدة خلال معارك معها في شمال البلاد، وتولّى الحكم من بعده ابنه محمد، والمرشح الآن لخوض انتخابات مايو.
وحسب بيان أصدرته الحكومة، الأربعاء، فإن السلطات تلقّت إخطارا بأن هناك محاولة اغتيال رئيس المحكمة العليا تمت بتحريض من السكرتير المالي لـ”الحزب الاشتراكي بلا حدود”؛ مما أدى إلى اعتقاله، لكن الوضع أخذ منعطفا دراماتيكيا مع هجوم متعمّد قام به متواطئون مع هذا الشخص، وعلى رأسهم عناصر من الحزب ضد مقر جهاز المخابرات، وأسفر عن عدة وفيات.
وطمأنت السلطات المواطنين أن الوضع الآن تحت السيطرة الكاملة بفضل التدخّل قوات الأمن، والقبض على مرتكبي هذا الفعل، بينما تجري ملاحقة متهمين آخرين، معتبرة أن ما جرى يأتي ضمن محاولات تعطيل العملية الديمقراطية الجارية في البلاد.
يرى المحلل السياسي التشادي، البشير حسن، ما جرى الأربعاء “تكرار” لمشهد 2021، حين حاصرت قوات من الجيش منزل أسرة يحيى ديلو، وأطلقت النار ما تسبب في وفاة والدة ديلو.
كما يعترف أن رفض خلفه محمد إدريس الآن نداءات المعارضة بعدم الترشح للانتخابات، يشبه رفض والده لنداءات مماثلة بألا يترشح في الانتخابات التي فاز بها وسبقت مقتله بأيام.
وعن مصير يحيى ديلو بعد تردد أنباء عن القبض عليه، يقول حسن إن “هناك تضاربا في الأخبار حول مصيره، فهناك أحادث حول إصابته في المواجهات قبل القبض عليه، لكن لو تمكن من الهرب فربما نرى مواجهات بين الجبهة الثورية والنظام الحاكم قبل الانتخابات”.
سباق الانتخابات
يُرجع المحلل السياسي، سعيد أبكر أحمد، أن ديلو أحد أسباب هذه الأزمة إلى “عدم وجود نظام قضائي” يفصل بين المتنازعين في هذه الأمور.
ويتوقع أن هذه الأحداث من أهدافها “تكبيل يحيى ديلو قضائيا” لمنعه من المشاركة في الانتخابات الرئاسية.
وأعلنت هيئة الانتخابات، الثلاثاء، أن الانتخابات ستُجرى في 6 مايو المقبل، وذلك بعد أن تم الانتهاء من خطوة إعداد دستور جديد للبلاد، والاستفتاء عليه في ديسمبر الماضي.
كان محمد ديبي وعد بتسليم السلطة إلى المدنيين وتنظيم الانتخابات في غضون 18 شهرا، لكنه أضاف عامين آخرين على الفترة الانتقالية.
وفي منتصف يناير، اختار الحزب الحاكم محمد ديبي مرشحا له للانتخابات الرئاسية، خاصة أن الدستور الجديد خفَّض سن الترشح للرئاسة من 40 عاما إلى 35، وهو ما اعتبره معارضون تأسيسا لاستمرار حكم ديبي الابن، حيث يبلغ الآن 39 عاما.