هل تفجر الفصائل العراقية المواجهة الأميركية الإيرانية؟
سلط الهجوم الأخير الذي وقع على قاعدة أميركية داخل الحدود الأردنية، وراح ضحيته 3 وعشرات المصابين من الجنود الأميركيين، الضوء مجددا على “المقاومة الإسلامية” في العراق التي أعلنت مسؤوليتها عنه.
فهذه الجماعة التي ظهر اسمها حديثا عقب أحداث 7 أكتوبر الماضي، تبنت معظم الهجمات التي تعرضت لها القوات الأميركية بعد اندلاع حرب غزة مبررة ذلك بدعم واشنطن لإسرائيل، والتي بلغت نحو 160 هجوما وفق وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”.
الهجوم الجديد والذي حملت واشنطن مسؤولية وقوعه للفصائل الموالية لطهران، يمثل وفق المراقبين نقطة تحول في الصراع وتغييرا دراماتيكيا لقواعد الاشتباك قد يقود لحرب كبرى في المنطقة.
علامات استفهام
هذا الإعلان من قبل الفصائل يطرح تساؤلات عديدة حول ماهية هذه الجماعة وما ينضوي تحت مظلتها من فصائل وقوى، وهل أنها تأتمر مباشرة بأوامر إيران أم أنها تتحرك من تلقاء نفسها؟
ومن أبرز الفصائل التي تنضوي تحت لواء الجماعة التي تطلق على نفسها “المقاومة الإسلامية” بالعراق، كتائب حزب الله وحركة النجباء.
وفق “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، تشير الأدلة المتوافرة إلى أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني يؤدي دورا في تنسيق “المقاومة الإسلامية في العراق”.
حيث تحرص “الجماعات المسلحة العراقية بشدة على حماية هوياتها الفردية والفضل الذي يعود إليها في الهجمات (المباشرة أو عبر جماعات واجهة مرتبطة بها)، لذا يشير استعدادها لإخفاء هذه الهويات وحتى التراجع عن تبني هجوم منفَّذ على مستوى جماعة فردية إلى أن سلطة عليا تتولى تنسيقها” وفق معهد واشنطن.
والذي يضيف أن من أهداف تشكيل هذه المظلة “إظهار الوحدة الكامنة وراء الهجمات المنفَّذة ضد المصالح الأميركية خلال الصراع بين إسرائيل وحماس، لا سيما “تلبية النداء” كقوة واحدة، ويشير ذلك بشدة إلى أن فيلق القدس يجمع بين وكلائه المتعددين في “المقاومة” العراقية، الذين يميلون في الأحوال العادية إلى الجدال حول القيادة المحلية”.
توريط العراق
ويحذر خبراء من أن اتساع دائرة الفعل ورد الفعل عقب هجوم الأردن بين الفصائل الموالية لإيران والقوات الأميركية في المنطقة، قد يقود لتوريط العراق بصورة مباشرة في صراع إقليمي واسع.
مشيرين إلى أن تصاعد وتيرة الهجمات المتبادلة، تضع بغداد أمام موقف حرج يقتضي اتخاذ خطوات جادة وملموسة لتجنيب البلاد المزيد من التورط، ولمنع تحولها لساحة تصفية حسابات وتبادل رسائل خارجية وفقهم.
يقول الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي مخلد حازم، في لقاء مع موقع سكاي نيوز عربية:
رغم وجود هذه الفصائل سابقا، لكن بعد 7 أكتوبر استحدثت غرفة عمليات ضمن إطار ما يسمى وحدة الساحات، وتضم عدة جماعات أيرزها كتائب حزب الله وحركة النجباء وكتائب سيد الشهداء وأنصار الله الأوفياء، ولتجتمع تحت مظلة “المقاومة الإسلامية” بالعراق، وهي جزء من محور يمتد من إيران للبنان واليمن.
فمثلا الحوثيون بدأوا هجماتهم في البحر الأحمر وبحر العرب، والفصائل ركزت أكثر على استهداف القوات الأميركية في عين الأسد وحرير وغيرهما من قواعد ومقار التحالف في العراق وسوريا، والآن وصلت للأردن.
هذه الفصائل تنسق عملياتها ضمن غرفة عمليات مشتركة وهي تأتمر بأوامر خارجية ولديها بنك أهداف، مصعدة تدريجيا من وتيرة ونوعية هجماتها حيث بدأت بصواريخ الكاتيوشا والمسيرات وصولا للصواريخ الباليستية المتوسطة والبعيدة المدى.
وهذا ما يكشف أنه يتم مدها بمختلف هذه الأسلحة والترسانات من الخارج، وإيران هنا لا تخفي دعمها وتمويلها لهذه الجماعات، بمعنى أنه ليس أمرا سريا.
ومع استمرار هجمات الفصائل، فإن النتائج ستكون وخيمة على سيادة العراق وأمنه والتزاماته الدولية، وما يزيد من قتامة المشهد أن بغداد لا تبدو قادرة على ضبط هذه الجماعات، التي تأتمر من وراء الحدود وليست معنية بمصالح العراق.
رغم ارتباطها العضوي الوثيق مع طهران لكن بعض هذه الفصائل تعمل بالمجان أحيانا لخدمة الأجندات الإيرانية، وهو ما يصب طبعا في طاحونة دعم التنصل الإيراني من أفعالها عبر القول أن قرار هذه الجماعات مستقل وأنها تقاوم إسرائيل والولايات المتحدة بمحض إرادتها، كما قيل سابقا عن حماس وحزب الله في لبنان.
في حين أن عمليات هذه الجماعات تمثل إحراجا كبيرا وتهديدا داهما للعراق، يدفع نحو الزج به في أتون صراع كبير سيرتد كارثيا على البلاد.
بدوره يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد إحسان الشمري، في حوار مع موقع سكاي نيوز عربية:
* لا شك أن عمليات الفصائل تشهد تحولا خطيرا مع هذا الهجوم، ما يكشف أن سعي بغداد لضبط هذه الجماعات وكبح هجماتها لم يؤتي أكله بعد، والمتواصلة منذ أكثر من 3 شهور، بل على العكس فوتيرة تصعيدها ترتفع.
وهو ما يجعل الاحتمالات مفتوحة نحو تصعيد أكبر وخلط للأوراق بلا ضوابط، وتحويل البلاد منصة مفتوحة لتصادم وتضارب الأجندات الإقليمية والدولية.
لهذا ففي حال عدم حسم بغداد للموقف وضبط الميليشيات التي تتصرف كدولة داخل الدولة، فإن خطر فقدان العراق بوصلة ضبط الأمور عسكريا ودبلوماسيا داهم وحقيقي، وهو ما تترتب عليه تبعات كبيرة على الوضع الداخلي، وعلى علاقات البلاد الخارجية.