إسرائيل تمهد للانسحاب البري قبل تدمير حماس.. تعرف علي الاسباب
“الأحياء ضيقة والجنود تنصب لهم الكمائن” هكذا يصف الإعلام الإسرائيلي الحال في قطاع غزة وما يشهده الجيش الإسرائيلي هناك، الذي تكبد مؤخرا خسائر في الجنود والعتاد هي الأكبر منذ الاجتياح البري.
وتبدو وسائل الإعلام الإسرائيلية، في الأيام الأخيرة، أنها تمهّد لانسحاب القوات البرية من قطاع غزة، والاكتفاء بالقصف الجوي، بعد فشل التدخّل البري منذ 27 أكتوبر في تحقيق أهدافه المعلنة، خاصة تحرير كل الرهائن وتدمير قدرات حركة حماس.
يتزامَن هذا مع إبداء تل أبيب قبولا لبدء جولة جديدة من المفاوضات مع حماس بشأن صفقة جديدة لتبادُل الأسرى؛ حيث ذَكَر موقع “أكسيوس” الأميركي، السبت، أنه من المتوقَّع أن يجتمع مدير وكالة الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد”، ديفيد بارنياع، مع رئيس الوزراء القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، في أوروبا، نهاية الأسبوع.
ونقل الموقع عن مصدريْن مطلعين أن الجانبين سيبحثان العودة لطاولة المفاوضات، بعد أن توقّف البحث في صفقة جديدة، إثر رفض “حماس” طلب تل أبيب بإطلاق سراح نساء إسرائيليات؛ حيث قالت “حماس” إنهنّ جنديات في الجيش الإسرائيلي.
يأتي هذا بعد أسبوعين من انتهاء هدنة الـ7 أيام التي سرت بين 24 نوفمبر حتى صباح 1 ديسمبر الجاري بين إسرائيل و”حماس”، وتضمّنت تبادل دفعة من الأسرى والرهائن.
تعثّر التدخّل البري
في تقرير تحليلي نشرته صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، الخميس، قالت إن حماس أنشأت مئات الآلاف من المنشآت العسكرية الخاصة بها، بينما يختبئ عشرات الآلاف من عناصرها في الأنفاق؛ وهو ما عرقل الجيش الإسرائيلي في تنفيذ أهدافه داخل القطاع.
وجاء في التقرير بشأن العقبات التي واجهها الجنود الإسرائيليون على الأرض وحتى من الجو:
اختباء عناصر حماس في الأنفاق لا يترك للجيش الإسرائيلي أي خيار سوى مواجهتهم في قتالٍ من مسافة قريبة، وفشلت المركبات المدرعة والمدفعية في اختراق الشوارع الضيقة.
يُدرك الجيش أنه ليست لديه القدرة على القضاء على حماس والبنية التحتية من الجو؛ بسبب الأعداد الكبيرة داخل القطاع، حتى القتال من المسافة القريبة يسقط ضحايا.
لا يستطيع الجيش استهداف جميع المنشآت والقواعد فوق وتحت الأرض في غزة.
نستخدم قوة نيران ثقيلة، لكن القيام بذلك ليس بالأمر السهل دائما في الأحياء المكتظة بالسكان، خاصة عندما تعمل وحدة بجوار أخرى.
الغارات الجوية ليست إجراءً فعالا ضد المنازل التي توجد بها أسلحة، وهناك منازل بها 30 قاذفة صواريخ “آر بي جي”، و5 بنادق قنص من طراز “دراغونوف”، و8 عبوات ناسفة كبيرة.
قد ينهار المنزل أو يتضرّر، وقد تنفجر بعض العبوات، لكن من المرجّح أن يظل الجزء الأكبر من الذخيرة صالحا للاستخدام وسط الركام.
رغم إعلان الجيش الإسرائيلي أن نحو 7000 عنصر من “حماس” قتلوا، فإنه يقر بأنه لن يتم القضاء على جميع عناصر الحركة مع نهاية الحرب التي يفترض أحد السيناريوهات أن تستمر حتى نهاية يناير 2024، ثمّ سيتواصل القتال، لكن بغارات محدودة على القطاع لمنع “حماس” من إعادة بناء نفسها.
غزة ثكنة عسكرية
لا يستبعد الصحفي الفلسطيني، جمال سالم، أن تمهّد إسرائيل لانسحابها بريا بالفعل، إلا أنه يرجّح أن تسعى أولا إلى حصد أي مكسب “لتخفيف آثار المحاكمة التي قد تنتظر نتنياهو بشأن الحرب”، مثل تحرير الرهائن أو اغتيال يحيى السنوار (قائد حماس في غزة).
وعن سبب عدم نجاح التوغّل البري في تحقيق أهدافه، يقول سالم لموقع “سكاي نيوز عربية”:
منذ اليوم الأول لعمليتها العسكرية في غزة، أكدنا أن إسرائيل لن تنجح داخل القطاع؛ لأن حماس التي تسيطر عليه منذ 20 عاما تقريبا، استطاعت تجهيزه ليكون ثكنة عسكرية كبيرة ومحصّنة ضد أي عدوان بري.
كذلك استطاعت حماس تكوين ترسانة أسلحة ومعدات، كأنها تجهز لهذه الحرب منذ 20 عاما؛ ولذا أتوقّع أن عدد قتلى جنود إسرائيل يفوق المعلَن بكثير.
وسيطرت حركة حماس على قطاع غزة لتحكمه منفردة عام 2007، بعد معارك نشبت بينها وبين حركة فتح، تسبّبت في تفكيك حكومة الوحدة الوطنية، وسقوط العشرات قتلى، وطرد قيادات “فتح” إلى الضفة الغربية، فيما عُرف بانقلاب حماس.
ونقل موقع “تايمز أوف إسرائيل”، الجمعة، أن منشورات متداولة في قطاع غزة، يُقال إن الجيش الإسرائيلي وزّعها هناك، تَعرض مكافأة مالية كبيرة قدرها 400 ألف دولار لمن يُدلي بمعلومات عن مكان يحيى السنوار، و350 ألف دولار لمن يعرض معلومات عن شقيقه محمد السنوار القيادي في حماس، و100 ألف للإدلاء بمعلومات عن قائد الجناح المسلح للحركة، محمد ضيف.