الكتاب

ما لا يريدُ أن يفهمه السودانيون عن القبيلة هُو ….

بقلم/ صبري محمد علي (العيكورة)

خاص ب (صوت السودان)
وحتى أكون دقيقاً في التعبير عزيزي القارئ فدعنى أعيد العنوان بصيغة أخري من الذى يدفع بالسودانيين أن لا يقرأوا التاريخ والجغرافيا ومن يقف خلف إثارة النعرات الطائفية والقبلية عطفاً على أحداث إقليم النيل الأزرق أوما يتكرر في دارفور من حين لآخر . فالصراع الأخطر في تاريخ البشرية هو صراع حول الأرض والهوية فإما هاتين او ان يفني الانسان .

فإذا ما أسقطنا هذه الحقائق على الاحداث الأخيرة (بحسب بيان الحركة الشعبية) و(سددنا) أذنينا عن سماع جمل الاتهام والاتهام المتبادل وقرأنا البيان … بأن قبيلة (الهوسا) المتعايشة مع قبائل (الهمج) او الفونج قد طالبت حكومة الولاية بأن تكون لهم نظارة او كيان حقيقة لا أعرف المسمي تحديداً ولكن المحصلة هي زعامة منفصلة عن زعامة الفونج والمعروفة في اتاريخهم ب (المكوكية) ويبدو وحسب البيان ان الحكومة طالبت (الهوسا) بالتريث لحين تشكيل أجهزة الحكم الولائية والاتحادية حيث ستكون وزارة الحكم المحلي هي المعنية بمثل هذه الأمور .

و بعيداً عن أي إشارة للاتهامات المتبادلة ومن أشعل شرارة الاقتتال وبغض النظر عن التسليم او النفى بصحة بيان الحركة الشعبية من عدمه ومن يقف مع من . فتعالوا نقف على مسافة واحدة من الجميع ونقرأ تاريخنا .

نحن شعب قبلي رضينا ام ابينا يتمترس بالأرض المتوارثة بإستثناء من هاجروا للمدن بغرض السكن او التجارة والتعليم وذابوا في مجتمع المدينة . الإدارة الاهلية كانت والى زمن قريب ما قبل نميري هي عبارة عن دويلات بلا حدود وبلا جيوش وارث عظيم يقدرها المجتمع و يسودها الالفة والكرم والاستجارة

و ابرز ذلك التعايش السلمي الذى كان سائداً بين المسيرية ودينكا (نقوك) والصلات الطيبة التى ربطت بين بابو نمر و فرانسيس دينق . وكذلك بالشرق نظارات البجا والقبائل الأخرى وبارض البطانة الشكرية والبطاحين وفى شندى مك الجعليين ويليهم مروي والباوقة ونوري الشايقية والدناقلة ودنقلا والمحس وحلفا اقصى الشمال

اى ان هناك متلازمة بين المكان والتاريخ فما ذكرت الفاشر مثلا الا وذكر السلطان على دينار وكذلك ببقية الامكنه والحواكير والقبائل التي تساكنت كردفان ودارفور والنيل الأبيض والجزيرة وغيرها .

ما اريد أن أخلص اليه هو أن أي نسيج قبلي مرتبط ببقعة جغرافية معينة من الارض و إن هاجر عنها ولكن تظل هى الجذور التي تعتبر من مقدسات السكان الأصليين

جميع الحكومات كانت تبقي على هذه الحقيقة حتى جاء نميري فى السبعينات من القرن الماضي والغى الإدارات الاهلية وانشأ وزارة الحكم المحلي بديلا لها وجعل على رأسها الدكتور جعفر محمد على بخيت في محاولة منه لانهاء إرث القبلية حتى لا تنازعه السلطة و لكنه فشل .

اعود لاقول يجب ان تبتعد الحكومات عن فرض اى واقع يمس هذا الوضع المعقد الا اللهم في المدن الكبرى حيث تذوب هذه الفوارق تلقائياً ويصعب تنفيذه عملياً .

أفهم جدأ أن أقتنى مزرعة في منطقة ما مثلاً وأعيش بها ولكم لا أستوعب أن أنشئ إدارة داخل أرض قبيلة اخري لها نظام إدارتها المتوارث فهل يسمح المسيرية مثلاً للجعليين ان ينشئوا (مكوكية) ببابنوسة او المجلد ؟

لذا يجب ان نسلم بان واقعنا القبلي معقد جدا ومتجذر ولا يسهل إقتلاعه وقابل للانفجار والاستقواء والفزع في اى وقت إن لم نبتعد عن نقاط الخلاف والاستفزاز التي يرفضها مجتمعنا و عرفنا القبلي .

كما يجب على الحكومة ان تقوم بواجبها بحزم ضد ما افرزته سنوات (قحت) من دعاة الفتنة والتغيير (الديموغرافي) تحت دعاوى الحق العام والوطن للجميع ومدنية الدولة من ما ينادى به اليسار . فاحذروهم هم العدو قاتلهم الله .

قبل ما أنسي : ـــ
الوطن للجميع لا يعني التعدي على حقوق وارث الاخرين.. ونعم لقداسة التاريخ والجغرافية فهي صمام الأمان وقناة التعايش السلمي التى ستحفظ الوطن بإذن الله.

الاثنين ١٨/ يوليو ٢٠٢٢ م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى