*عمار العركي يكتب: قراءة تحليلية لمنبر جدة*
*عمار العركي يكتب:*
*قراءة تحليلية لمنبر جدة*
• بالضرورة وبغرض إعادة القراءة التحليلية لتطورات ومستجدات (مفاوضات جدة) ولتقريب الفهم ووجهة النظر يجب التذكير بأبعاد مهمة في تأسيس وقيام “منبر جدة” ، وما قد يترتب عليه من إلتزامات وقوة مُلزمة.
• مفاوضات جدة في أصلها “مبادرة” مُلزمة أخلاقياً وأدبياً ، أكثر من إلزامها القانوني الإجرائي ، حيث.”بادر” الطرفان النافذان والمؤثران في المشهد السوداني “السعودية وامريكا” بالتوسط من “أجل خفض التوتر بين ممثلي النزاع في السودان” ، فبالتالي عند تكييفها وردها لأصلها لمعرفة مدى إلزاميتها وما يترتب على مخالفته فلن تجد لهذه المفاوضات أي مرجعية مؤسسية دولية شرعية ضابطة ومُلزمة.
• المرجعية الوحيدة لمعرفة الجهة الآمرة بتشكيل الوساطة ومدى إلزامية مخرجاتها هي ” وزارة الخارجية السعودية وما تصدره من بيانات اعلامية غير ملزمة ،، وبالبحث في وزارة الخارجية السعودية لن تجد الا مرجعية “اتصال هاتفي” بحسب بيان الخارجية السعودية في 5/ مايو / 2013 حيث قالت وزارة الخارجية السعودية في بيانها ( إن الوزير الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الأمريكي أنتوني بلينكن ناقشا في اتصال هاتفي مستجدات مبادرة مشتركة لاستضافة طرفي الصراع السوداني في مدينة جدة بالمملكة، وقال البيان اليوم الجمعة (الخامس من أيار/مايو 2023) إن المبادرة المشتركة تهدف إلى “خفض مستوى التوترات” في السودان).
• الشرعية الدولية ممثلة في الأمم المتحدة لم تفوض أو تأمر بل انها “تلقت البيان مع المتلقين” ، واول رد فعل اممي لبيان السعودية بتأسيس المنبر كان (ترحيبي)، “بحسب موقع أخبار الأمم المتحدة” ان (نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق) الذي قال ” إن الأمم المتحدة ترحب بالمبادرة التي طرحتها السعودية والولايات المتحدة لعقد مباحثات مباشرة بمدينة جدة بين ممثلين لطرفي النزاع في السودان.
• فبالتالي ، يكون بيان الخارجية السعودية “اعلامي خبري” ، يخبر عن التزام الطرفين بالنقاط الواردة ، مما يجعل “البيان”و “الإلتزام” بمثابة هدنة رقم (14) يضاف للهدن التي كانت تعلنها الوساطة وتشير لموافقة الاطراف عليها ، ثم لا يتم الإلتزام بها.
• الوساطة ، سعت في بيانها الإعلامي الى حفظ ماء وجهها والخروج من مأزق “التماهي” مع الدعم السريع و “التواطؤ” مع قحت والاتحاد الافريقي والايقاد وفق سيناريو “نيالا ” واعلان حكومة تجد التأييد الإقليمي والدولي من داخل المنبر “بإقحام” الاتحاد والايقاد ، وباعتبار الوساطة تجد الدعم والتأييد من الامم المتحدة والاتحاد الاوربي.
• في تقديري بان الوساطة شعرت بالفشل وعبرت عنه في بنودها الثلاث.، والتي تأخر اعلانها اربعة ايام من انطلاق التفاوض ، وذلك انتظاراً لاعلان حكومة الدعم السريع المتفق عليها، ولما تأكد لها الفشل في ذلك خرجت البنود مستبعدة “البند السياسي” تجنباً لشبهة التواطؤ وتداعيات فشل المخطط باثبات اهتمامها الانساني.
• وفد الحكومة كان ذكياً واستثمر هذا الفشل لمصلحته ، فلوح بالانسحاب ولم يمضي فيه رغم استمرار التصعيد العسكري من الطرف الآخر ، حتى يعد ذلك تنازلاً ومرونة تفاوضية ، كذلك.عدم الاحتجاج على وجود الاتحاد والايقاد ، او التمسك بتنفيذ الدعم السريع بما وقع عليه سابقاً ، فبالتالي نجح الوفد في التأثير على الوساطة قبل انطلاق التفاوض.
• السعودية والولايات كأعضاء في رباعية الترويكا ، أوصلهم الوفد الحكومي لتأكيد تقييمهم السالب للأداء السياسي للقيادات المدنية ” قحت” مقابل الأداء السياسي للعسكريين ، وتكرار فشلهم في تنفيذ وانجاح اي سيناريو يوضع لهم بدءً من الاتفاق السياسي الاول ” الوثيقة الدستورية”، فشلهم في ادارة الفترة الانتقالية ، فشلهم في ادارة واستثمار انقلاب البرهان ، فشلهم في تمرير الإتفاق الإطاري ، وان هذا الفشل ليس بسبب الفلول والدولة العميقة بقدر ما هو فشل ذاتي بدرجة كبيرة.
• فوق كل هذا هنالك نقاط جوهرية غير مرئية تحسب لصالح الوفد الحكومي وهو الخلاف الأمريكي الداخلي حول ملف السودان بين الخارجية الأمريكية بقيادة الوزير بلينكن ومساعدته المنحازين للمدنيين وبين البيت الأبيض بقيادة البنتاجون وال CIA والمنحازين للعسكريين ، والذي أفضى في النهاية الى سحب ملف السودان من الخارجية وتسليمه لوزارة الدفاع الامريكية قبل بداية المفاوضات بفترة قصيرة ، والذى ترتب عليه اجراء تعديلات في الوفد الامريكي المفاوص بسحب السفير الامريكي جون دوغفيري واشراك المبعوث مايك هامر.
• هنالك خلافات عميقة وصراع حامي مستتر بين السعودية والامارات في قيادة المنطقة بوجه عام والسودان بوجه خاص غير أن هناك نقطة خلاف بين الحليفين لا تزال قائمة الرياض لا تريد السماح لدولة الإمارات العربية المتحدة بالمشاركة في المفاوصات رغم دعمها لملشيات الدعم السريع الذي لم يعد سراً.
• خلاصة القول ومنتهاه:
• الجيش قد تحلل من ضغط مفاوضات “جدة”، وفشل كل أجنداتها مما يجعله في وضع مريح يمكنه من تتفيذ الحسم العسكرى، الذي بشر به دون موانع لضغوط خارجية او إعتبارات سياسية ظاهرة وملموسة.
• في ذات الأثناء لابد من الترتيب الجيد لإيجاد “منبر تفاوضي” بديل خلاف منبر جدة ، او الدول التي تكون ضالعة او غير محايدة بغرض انهاء التفاوض للحرب الذي يعقب الحسم العسكري.