بريد سهير

في بريد سهير عبد الرحيم: *البصيرة أمضى من البصر*

*الى الاخت الفاضلة سهير عبد الرحيم*

*البصيرة أمضى من البصر*

*اسمحي لي ان ارد على مقالك الذي تحدثتي فيه عن رؤية البرهان للمشهد حوله بنصف عين كأنه لا يزال يصوب من بندقيته انتقاصا من حضوره و احترازاته، ظنا من البعض على نحو ما يفسر قلمك انه مندهش لسرعة تحركات خصومه او غير مكترث لما يحدث حوله او ليس لديه تدابير او رؤية لما قبل او بعد الحدث .. قرأت ذات مرة ان بعض مقاتلي الساموراي في اليابان عندما يثقون في قدراتهم و حسن تدريبهم يعمدون الى اغماض احدى اعينهم و احيانا كلتيها اثناء المنافسات القتالية حتى يجدوا من هو ندا لهم .. اختي استاذة سهير لا يخفى عليك من اسس و سلح مليشيا الدعم الصريع و سن لها قانون منفصل و جعل تبعيتها له مباشرة ، و لمن لا يعرف من القراء هو الرئيس السابق عمر البشير غفر الله له ، و هو من زودها ابتداءا بالمدرعات و المركبات و ارسلها تقاتل في حرب اليمن دون ناقة لنا او جمل، و هو من مكنها من العاصمة و جعلها تحيط بها و بمعسكرات الجيش احاطة السوار بالمعصم ليحمي نفسه من تنامي الغضب الشعبي و العسكري من سياساته و رغبته المحمومة في التمديد ، و هو من غض الطرف عن احتلال حلايب و شلاتين و الفشقة ليحمي كرسيه من التدخل الخارجي في الشأن الداخلي المضطرب، بسبب ضعف سياساته و اعتماده على مسؤولين ضعاف لبعضهم مصالح في الخارج خاصة في المؤسسات الاقتصادية، مما زاد الوضع الاقتصادي سوءا .. عندما وصل البرهان للسلطة كان المشهد معقد و الجماهير تحيط بالقيادة و ال دقلوا قد انخرطوا كليا في مخطط دولي يهدف لتقسيم السودان و تغييره ديموغرافيا و كان ذلك معلوما للقيادة التي تمكنت من فك حصار الجيش عندما اعلنت عن عملية تحرير الفشقة فظن اعداء السودان انها فرصة لجر السودان الى حرب استنزاف مع بلد بحجم مائة مليون نسمة، مما يوفر و يسهل لعميلها حميدتي و اسرته الوصول للسلطة دون عناء .. لكن المفاجأة ان الفشقة حررت في يومين و توقف القتال دون ان ينجر الجيش للمصيدة مستفيدا من المستجدات السياسية في اثيوبيا دون تدخل في شؤونها الداخلية ..فعلها البرهان و اخرج المارد من القمقم و برغم ذلك تجنب الحرب مع الدعم الصريع حتى لا تصبح الخرطوم بمن فيها ساحة للقتال متجاوبا مع معظم الطلبات المحرجة التي تقدم بها حميدتي (لتأكيد الصدام في التوقيت الذي حدده الكفيل) و التي بمقدور الجيش تجاوزها كعقبة عدا امتلاك الدعم للدبابات و الطائرات، و تطاول فترة الدمج الى عشرة سنوات، و قبول دمج الضباط والجنود خارج ضوابط القوات المسلحة ، و التي وقف فيها الجيش بحزم برغم التهديدات بالحرب من قوى الحرية و التأخير المتماهية مع خطة الكفيل.. البرهان اختي سهير بدون مجاملة او مزايدة لديه الكثير من صبر أيوب على البلاء اذا حدث ، و من حكمة الخضر في رؤية ما لا يبصره الاخرون بعيونهم المجردة ، و فطنة خالد ابن الوليد في معركة مؤتة و قراره الشجاع بالانسحاب الذي لم يفهمه المسلمين عدا النبي صلى الله عليه و سلم حينما قال عن جيش خالد كرار و ليسوا فرار .. اختي سهير لقد تحمل البرهان و لا يزال مقالاتك اللاذعة و غيرك من الكتاب المتعجلين الذي لم يطلعوا على التقارير العسكرية و الامنية و لا الرسائل الخارجية و الداخلية ..وحده متخذ القرار و مستشاريه يعرفون متى يحاربون و متى يفاوضون دون وقف القتال و على ماذا يوافقون و ما هو سقف تنازلاتهم ، و لا احسبك و غيرك من الاقلام المشفقة تكتبون الا ما ترونه من سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء ، بينما الواقع يقول ان السودان يخوض حرب متعددة الاطراف و الكاسب فيها من يسير وسط حقل الالغام بأقل خسارة ممكنة في طريقه لوقف حرب الاستنزاف المفروضة على الشعب السوداني و جيشه المستهدف بالتفكيك .. و برغم كل ذلك و تحت قيادة البرهان لا يزال جيشنا متقدم و تمكن من ابادة اكثر من 80% من قوات المليشيا و المرتزقة الاجانب الذين تم الاستعانة بهم من عدة بلدان .. المواقف الحكيمة مع الدول الكبرى التي تتدخل في المشهد بشكل غير مباشر عبر وكلاء و داخل مجلس الامن لا تحتاج الى ابراز العضلات بقدر ابداء حسن النية و الزناد على البندقية فالمؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتان.. في ظل ما حدث من جرائم ارتكبها الدعم الصريع منذ فض اعتصام القيادة الى انقلاب 15 ابريل 2023 ظل القائد يؤكد بان الجيش خط احمر و يسير بخطى واثقة من تماسك الجيش و القوات النظامية و قدرتهم على قطع رأس الافعى عند اللزوم، و هو ما حدث بالفعل لولا الدعم الخارجي الكبير و المتواصل و انعدام الضوابط الاخلاقية في التعامل مع المدنيين التي مكنت المليشيا من مواصلة الحرب حتى يومنا هذا .. اختي سهير الثقة في القيادة هي مفتاح النصر و التخذيل هو بداية الهزيمة فاختاري اين تضعين قدمك، و اعلمي ان عصبة مؤمنة في الثغور وضعت ثقتها في القيادة و لن تتأثر بالاعلام المصنوع الذي تقف خلفه بيوت خبرة استمالت الى صفها ترغيبا او ترهيبا بعض الاقلام و حاشا لله ان تكوني منهم دون قصد منك و غيرك من المشفقين .. الوطن سيكون بخير لاننا على يقين بعدالة موقفنا و ارادة جيشنا و قوته، و الذي لا تجمع قيادته على باطل ، و احب ان اطمئنك ان لدى القائد بصيرة امضى من البصر و رؤية تتسع للجميع الا من اجرم في حق الوطن ، و من نجاه الله بتضحيات الرجال الخلص ليكسر شوكة التمرد لن تنكس له راية لا في جبهات القتال و لا في المفاوضات و مثله يبصر في الظلام الحالك برغم اهمية ضوء قلمك و مناشدة كل وطني غيور، فكوني بخير و قري عينا فلا تنازل عن الكرامة و حقوق المواطنين.*

*د. لؤي عبد المنعم*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى