عادل عسوم: مقال كتبته قبل سنوات: إنها غَزّة العِزّة
مقال كتبته قبل سنوات:
👇إنها غَزّة العِزّة
عادل عسوم
لا أدري ما سر الإرتباط – في خاطري- بين آيتين كريمتين من سورة آل عمران بأهل غزة؟!!!
ولاغرو ان الوقوف بين يدي آيات الوعد بالنصر من الله للمؤمنين -وان قل العدد فيهم والعتاد- بدءا من طالوت عليه السلام ومرورا بموسى عليه السلام وانتهاء بنبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد عليه صلوات الله وسلامه وعلى آله وصحبه الميامين يتبين المرء في ثناياها دوما سمت الشخوص المخاطبة من لدن ربنا جلّ في علاه كيف تكون مزدانة بالكمالات البشرية فلا يملك الا مساءلة النفس:
لان كان أولئك أنبياء ورسل فهل يمكننا أن نستصحب ذات الخطاب بالنصر خلال واقعنا المعاصر ونوقن بذات النصر والتمكين من ربنا والشخوص ليسوا يرسل ولا أنبياء؟!
فما يكون مني الاّ أن أدير بصري في الناس واذا بي أتتبع سيرتهم وحصائد ألسنتهم في سوح الميديا على اختلافها فلا اجد الا العجب العجاب!
ذاك أحمد ياسين رحمه الله قد كان أمّة!…
وجاء من بعده رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه منهم من ذهب الى ربه راضيا مرضيا ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا…
لا أزكيهم على الله اذ انه جل في علاه يزكّي من يشاء لكنه الحسبان المنبني على الأقوال والافعال ياأحباب…
ف ما أبلغ مشاعر الثقة بالله في أحاديث كلّ من اسماعيل هنية وخالد مشعل ورفاقهم من أهل غزة الأبرار! …
يومها تحدث أسماعيل هنية
ولكأني بموكب التأريخ قد وقف يتسمّع لحديثه يومها اذ -حقّا-لم يكن كحديثا الذي نتحدث!!…
لقد كان (اطلاقا) لمعاني ومباني سيرة نبينا -صلوات الله وسلامه عليه- من الأضابير…
بل كان ديباجة للعز والفخار لأمة قد نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا…
ف الحصار هو الحصار…
والسيوف الأربعون…
والمكر بليل…
وسواعد وعقول وعنفوان ما كان لنا أن نقرأها كغيرها من القصص والحكايات!…
فالخارج من بينها -هو من قبل أن يكون المعصوم -لهو القدوة والمتبوع صلى الله عليه وسلم…
اذ ستظل (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لايبصرون) وهذه هي الآية الأولى… هذه الآية ستظل باقية الى أن يرث الله الأرض ومن عليها (عاصمة) و (قاصمة) و (منجية) بفضل الله لكل السالكين لذات الطريق…
انه طريق الأخبات لله الواحد الأحد…
طريق العزّة والمجد والفخار والسؤدد لا طريق الضعف والذلّة والاستسلام والصغار …
ويخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين السيوف الأربعين ليواصل الصدع بمنهج الله …
واذا بأهل غزة -ايضا- يخرجون!…
واذا بسراقة بن مالك يتتبّع آثار نبي الله محمد ورفيقه ابي بكر بعد أغراه اهل قريش بحمر النعم…
ويوشك فرس سراقة اللحاق برسول الله وصاحبه ولكن يبقى رسول الله ثابتا وراسخا كالطود لا يهتز! …
لِمَ كل ذلك يااحباب؟!
انه بسبب الأخبات إلى الله…
الاخبات الى خالق السموات والاراضين ومدبر الأمور وواهب ثم قابض الأرواح…
ثم إنها القناعة بمعية الرحمن…
معية تكون دوما أقرب من حبل الوريد اذ دونها يولد المخبتين…
فذاك الدكتور نزار ريان يصر على البقاء -دونما وجل من الشهادة في سبيل الله- في بيته موقنا بأن الموت ليس نهاية الحياة…
ويقترب سراقة بفرسه أكثر وهو واثق بايشاكه على نيل مبتغاه…
ولايبقى بينه وبين مبتغاه سوى صخرة قوامها خطوات قليلة يخطوها حصانه… فيهيّئ نفسه ليغنم…
ويخرج سيفه من غمده… وتفترُّ شفتاه ببسمة الانتصار والخيال منه مشغول باستعراض صفوف النوق…
والفم منه يتلذذ بأنخاب الخمر…
ورقص القيان يتراءى له وسط احتفالا بالانجاز الكبير الذي يوشك عليه…
فكل حسابات الدنيا تقول بأنه قاب قوسين أو أدنى لإدراك مبتغاه واتمام مراده…
لكن…
لكن فات عليه -وهو المشرك – بأن المشيئة هي لله الواحد الأحد الذي لا إله غيره!…
فات عليه -وهو الغافل-بأن الله قد أبطل مفعول الاحراق من النار عن ابراهيم عليه السلام…
فات عليه -وهو المنكر للغيب-أن الله قد أنجى موسى عليه السلام عندما طمأن قومه قائلا (كلا ان ربي سيهدين) فضرب البحر بعصاه فانفلق وكشف له في البحر طريقا يبسا لينجو هو وقومه من فرعون وجيشه!…
إنها مشيئة الله…
لقد أحالت قساوة الصخر الى طين لازب فصاخت ساقا حصان سراقة ابن مالك فتوقف!!
وهنا…
علم سراقة أن هناك قوة فوق قوته!…
وارادة فوق ارادته!…
ومشيئة فوق مشيئته!…
وتبسّم الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وقال:
ياسراقة لا تبتئس لأنك ستلبس سواري كسرى ان شاء الله!…
فلا يملك سراقة الا ان يشهد بأن لاأله الاّ الله وأن محمدا رسول الله…
صلى عليك الله يانبي الهدى ماهبت النسائم
وماناحت على الايك الحمائم…
وينطلق الحبيب المصطفى صلى الله وعليه وسلم ورفيقه أبو بكر رضي الله عنه الى مدينة الخير…
ويغرس بذرة الدولة الوليدة مع انشاء مسجد قباء أول مسجد أسس في الاسلام…
ويتنزل قول الله العليم الحكيم في سورة البقرة:
(قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنـَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) وهذه هي الآية الكريمة الثانية…
وتوغر صدور اليهود والمنافقين والمشركين بسمت التغيير والتميز للدين والدولة الوليدة…
ويتكالب الأحزاب ليئدوها في مهدها قبل أن يُكتب لها الثبات والتمدد الى السوح والفضاءات وقد تيقنوا بالنصر والفوت الذي سيكتنف حراك هذه الدولة منذ نشأتها!…
وماذاك الا بوضاءة الغيب الذي يستظهرون…
وبمصداقية القصص التي يؤمنون…
فيتجمع الأحزاب من حول المدينة محاصرين …
ويبقى المنافقون واليهود بين الناس في الداخل مخذلين ومتآمرين!…
ويشتد الحصار على المؤمنين…
وتمر الأشهر وقد نفد الغذاء…
فاذا بالخطاب الرباني يتنزل على الحبيب صلوات الله وسلامه بان:
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِين 142 مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ 143).
اللهم نصرك لدينك…
اللهم نصرك المبين…