الكتاب

عمار العركي يكتب.. التحركات الداخلية فى المشهدين السودانى والأثيوبى

* التطورات الأخيرة لللأوضاع فى أثيوبيا تؤكد على ما ظللنا نقول به بأن عناصر كيمياء العلاقات والروابط السودانية الأثيوبية بكل أشكالها ، عند تفاعلاتها علي مر التاريخ السياسي خلال ال (35) سنة الماضية، التي شهدت سيطرة نظاميين متحالفين (الإنقاذ والمؤتمر الوطني في السودان – وياني التقراي في أثيوبيا)، وتمكنا من حكم البلدين وفق إسترتجيات وأنماط متشابهة لحد كبير خلال تلك الفترة.
* مثلما أفرزت كيمياء العلاقة وروابطها المشتركة أنظمة حاكمة متشابهة، ووفق المعادلة (الكيمسياسية) كان لأبد من إفراز معارضة متشابهة، نتج عنها إستنساخ ثورتين متزامنتين علي درجة عالية من تطابق وتماثل البدايات والنهايات.
* نجد ذاك التطابق من حيث وحدة(الأسباب والدوافع ، الوسائل والأدوات ، النتائج)، تخللها تطورات وتداعيات أفضت إلي الواقع السياسي الراهن في البلدين.
* فالثورتين قامتا ضد نظاميين متحالفين بسبب الغُبن والإحتقان والإستبداد، مدفعوتان بمطالب (الحرية ، العدالة ، السلام) ،ووقودها وعمودها الفقري (الشباب) ،ووسائل تمثلت في الإحتجاجات السلمية وكانت وسائل ووسائط التواصل الإجتماعي الأداة الرئيسية في نجاح الثورتين وإزاحة حكم المؤتمر الوطني والتقراي.
* المشهد الثوري لأحقا أفرز ميلاد تحالفات سياسية (قوي الحرية والتغيير في السودان،التى يطغى عليها سيطرة تحالف أربعة أحزاب فى السودان ) و ( حزب الإزدهار في أثيوبيا الذى يطغى عليه سيطرة تحالف أبي أحمد المنحدر من قومية الأرومو ، وقومية الأمهرا)،
* تتابعت المساعى خلف تمكين سلطة التحالفات ( الأحزاب الأربعة ورئيس الوزراء حمدوك – في السودان) و( قومية الأمهرا ورئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد)، والشاهد في الأمر ان كانت مساعي التمكين والسيطرة بدعاوي تفكيك نظامي (التقراي والمؤتمر الوطني) تحت دعاوى فلول ونظام بائد ، وتحقيق مكاسب مادية وسياسية شخصية ضيقة أفضت إلي أزمات أمنية وسياسية وإقتصادية مشتركة تهدد وحدة وإستقرار البلدين (الفشقة ،شرق السودان ، سد النهضة ،المواجهات العسكرية علي الشريط الحدودي والأقاليم المتأخمة والمتداخلة بين البلدين (التقراي ،بني شنقول ،الأمهرا).
* فيما بعد ،أفرز المشهد السوداني إنقلاب وتغيير سياسي بتخطيط عسكري كنتيجة حتمية لتلك التطورات والتداعيات بدعوي تفادي المهددات والمخاطر وإستراداد الثورة وتصحيح مسارها بحسب بيان القائد العام لقوات الشعب المسلحة السُودانية.
* بينما المشهد الأثيوبي إفراز حرب بين الحكومة الأثيوبية وحليفها “الأمهرة” من جهة ، وجبهة التقراى من جهة أخرى عقبها اتفاق سلام ودعوة ابى احمد لحوار وطنى جامع لم يجد القبول من “الأمهرة”
* بدوره قام الجيش السودانى بالانسحاب من العملية السياسية وترك السلطة للمدنيين شريطة توافقهم ، الأمر الذى لم يجد القبول من ” القيادة العسكرية لقوات الدعم السريع” بإعتبار انسحابها من العمل السياسى يضعف وجودها وتأثيرها ،خاصة إذا تم دمجها مع الجيش القومى ، فكان وان تحالفت مع المدنيين بحسب مشروع الاتفاق الإطارى ، الأمر الذى جعل رئيس مجلس السيادة والقائد الأعلى للجيش بإشتراط وحدة الجيش ، ودمج الدعم السريع فى الجيش القومى
* فى أثيوبيا ، كان هنالك وضع شبيه بالحوار السودانى الذى أفضى الى مشروع الإتفاق الإطارى ، وهو
“الحوار الوطنى الشامل ” نادى به آبي احمد وبمشاركة الجميع فى أعقاب نهاية الحرب باتفاق سلام “برتوريا” مع جبهة التقراي
* إثر قرار دمج القوات الخاصة بالأقاليم الأثيوبية ، شهد إقليم “الأمهرة” تظاهرات وقطع للطرق إحتجاجا علي قرار الحكومة الإثيوبية دمج قوات الأقاليم الخاصة في الجيش الإثيوبي.
* وفرضت السلطات الأمنية بمدينة ” غوندر ” بإقليم أمهرة، حظرا أمنيا في المدينة لضمان السلام وسيادة القانون،
* هذا وقد أكد رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد فى بيان صحفي ” أن عملية تنظيم القوات الخاصة ودمجها مع مختلف القوي الأخري جارية في إثيوبيا ، لا توجد فيها أستثناءت لأيا من الأقاليم في هذه العملية ، موضحا أنها عملية تستهدف دمج القوات الخاصة للأقاليم في القوات المسلحة أو قوات الشرطة الفيدرالية او قوات الشرطة المحلية للأقليم .
* وقال أبي أحمد ،” أن هذا القرار هو لإعادة تنظيم هذه القوات الخاصة، وليس نزع سلاحها بصورة نهائية ، موضحاً أن الطريقة التي يتم بها حاليا ، هي أن يتم ضم هذه القوات لقوات الدفاع الوطني الإثيوبية ، أو أن ينضم أفرادها لقوات الشرطة الفيدرالية ، وليس حلها بصورة نهائية بمعني أن الخطوة هي لتنظيم وضبط القوات الخاصة ودمجها مع القوات الرسمية للدولة
* خلاصة القول ومنتهاه: –
* المتابع الملم “بكيمياء وتركيبة العلاقات السودانية الأثيوبية” ، لا يستبعد حدوث إختراقات إيجابية في ظل هذه التناقضات ، نسبة.لأن العلاقة في أصلها قائمة علي معطيات وعوامل “شخصية” ،”ممثلة في مصالح تكتيكية مؤقتة” خاصة بأنظمة حاكمة ومؤسسات محلية في البلدين ، ليس لديها علاقة بإلإستراتيجيات التي تقوم علي النمط التقليدي المعروف.الذي يؤام بين ” المصالح الخاصة لكل بلد ، والمصالح المشتركة بين البلدين ”
* كذلك.نجد هنالك اختلال في “التركيبة الداخلية” في كل بلد نحو كيمياء العلاقة البينية – فالأمهرة الشريك النافذ في حكم اثيوبيا – لديها رؤي وزاوية نظر مغايرة عن شريكها الآخر – آبي احمد ومكونات الحزب الحاكم
* ذات_الوضعية ، قد نجدها بين شركاء الحكم في السودان الممثل في المكونيين العسكري والمدني – وان كان بدرجة أقل.
* هنالك العديد من الأمثلة والشواهد التى تؤكد على تطابق وتماثل العوامل والعناصر التى تصنع المشهد الداخلي لكل بلد ، وتكاد تكون نسخة واحدة منذ انطلاقة ، وإن كان التدخل الخارجى أكثر نفوذا وضررا فى السودان ، مما هو عليه فى أثيوبيا المتمسكة بمبدأ الحوار الوطنى ( الأثيوبى – الأثيوبى) #الإحتجاجات والثورة الأثيوبية في العام 2015 حتى 2017م ، قبل،أن تنتقل العدوى للسودان بذات الأبعاد والأهداف الثورية للسودان 2017 حتي 2019م ، ومن ثم توالت المتشابهات وتداعت الاوضاع فى تماثل وتفاعل على كافة المستويات وصولا لمحطة متشابهة – وهي محطة “الحوار الوطني” – الذي بدأ الحديث عنه والعمل لأجله فى البلدين.
* من خلال الواقع والوقائع، مقرونة بمستجدات طرأت على مواقف آبي احمد وحكومته ، وأخرى طرأت على واقع السلطة الإنتقالية فى السودان ،خاصة (أعتماد الحوار الوطنى الوطنى كحل اساسى،)وفي ظل التوجه الدولى والإقليمي والمقرون بتحركات نحو التسويات والحلول ، فلا استبعد حدوث إختراق إيجابي علي مستوي الداخل الأثيوبي السودانى ، وعلى مستوي العلاقات السودانية الأثيوبية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى