في بريد سهير عبدالرحيم:حرب الفُجَّار
كان الأطفال في بلادنا إذا نشب بينهم خلافٌ بلغ حد العراك ينتبذون إلى العراء خارج الحي .. فلا يتقاتلون بين الناس لاعتباراتٍ كثيرةٍ منها أن لا يُضارَّ من عراكهما أحد ، ولا يُضطر أحدٌ لنصرة أحد المتعاركين على الآخر ، فينحصر الشجار في أضيق عددٍ ممكن ، وكانت عبارة (طالعني الخلا) مشهورةً بين أبناء جيلنا ومن سبقهم حين كان من العار أن يتعارك المرء جوار بيته ، وكنا نحسَب ذلك من خصائل الشجاعة والمروءة وخصائصهما … فما بَرِح الزمان حتى رأينا سادة البلاد وقادة جيوشها يحشدون عسكر الشعب استعداداً لمعركةٍ قد يخوضونها فيما بينهم داخل العاصمة نيابةً عن قادتهم المتنافسين ليفوز بعضهم بكرسيٍّ يحكم به ما سيتبقى من العاصمة وشعبها.
اكتظت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بنُذُر اصطدام الجيش والدعم السريع ببطن الخرطوم في أي لحظة ، وتعالى صوت لعلعة المعارك الخطابية بين قادة الجيش وقادة الدعم السريع والمشفقين ، ويحق لنا قبل أن يعلو صوت السلاح أن نسأل عن الغاية التي من أجلها قد تتطاحن القوات المسلحة مع قوات الدعم السريع في الخرطوم؟ وهل هذه هي الوسيلة الأفضل التي تأمرهم بها عبقرياتهم؟ ، وما ذنب كل سكان الخرطوم في الترهيب الخطابي والإعلامي الذي يجري وويلات هذه المعركة إن وقعت؟ بل ما ذنب جنودنا من أبناء الوطن (في الجيش والدعم السريع) والذين سيُقذفُ بهم لتحقيق غاياتٍ سياسيةٍ لهذا الطرف أو ذاك؟ ، وهل يعتقد هؤلاء القادة أنهم بأفعالهم هذه جديرون بثقة شعبهم أو حتى قواتهم؟.
سبق التحذير من سياسة حافة الهاوية التي مضى على انتهاجها أربعة أعوام ، ومضت النصائح بتجنُّب الانفلات الأمني والاحتراب الشامل ، وكثُر التنويه لمَهلَكة التدخل الأجنبي الصفيق ، واحتمالات تمزُّق الوطن في غمرة الطموحات الأنانية والغير واقعية ، وغاب الرُّشدُ عن قيادة البلاد حتى شهدوا به على أنفسهم ، وتفاقمت انتهازية القوى السياسية والنُّخب الطافحة على سطح المشهد السياسي حتى فقدوا آخر قطرات المصداقية ، ونحن نربأ بالعقلاء في هذه القوات عن أن يسمحوا بأن تُراق دماء المسلمين السودانيين من أجل فاشلٍ انتهازيٍّ هنا أو هناك ، وإنها في أعناقكم أمانة ، وتوشك أن تكون عليكم حسرةٌ وندامة حيث لن تنفعكم مقولة إنا أطعنا سادتنا وكُبراءنا فأضلونا السبيل ، ومن عاش بلا مبدأ مات بلا شرف.
{۞ قَدۡ یَعۡلَمُ ٱللَّهُ ٱلۡمُعَوِّقِینَ مِنكُمۡ وَٱلۡقَاۤىِٕلِینَ لِإِخۡوَ ٰنِهِمۡ هَلُمَّ إِلَیۡنَاۖ وَلَا یَأۡتُونَ ٱلۡبَأۡسَ إِلَّا قَلِیلًا (١٨) أَشِحَّةً عَلَیۡكُمۡۖ فَإِذَا جَاۤءَ ٱلۡخَوۡفُ رَأَیۡتَهُمۡ یَنظُرُونَ إِلَیۡكَ تَدُورُ أَعۡیُنُهُمۡ كَٱلَّذِی یُغۡشَىٰ عَلَیۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلۡخَوۡفُ سَلَقُوكُم بِأَلۡسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلۡخَیۡرِۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَمۡ یُؤۡمِنُوا۟ فَأَحۡبَطَ ٱللَّهُ أَعۡمَـٰلَهُمۡۚ وَكَانَ ذَ ٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ یَسِیرࣰا (١٩)}
{وَلَا یَنفَعُكُمۡ نُصۡحِیۤ إِنۡ أَرَدتُّ أَنۡ أَنصَحَ لَكُمۡ إِن كَانَ ٱللَّهُ یُرِیدُ أَن یُغۡوِیَكُمۡۚ هُوَ رَبُّكُمۡ وَإِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ}