الكتاب

عمار العركي يكتب.. هل يشكو السودان رئيس مجلس الامن والسلم الإفريقي ؟!

* (رضينا بالهوان والهوان ما راضىي بينا) ، هذا باختصار تصوير لمشهد علاقة السودان  بالاتحاد الإفريقي ، (فهان) على السودانيين  حماية مصالحهم وحقوقهم داخل الاتحاد الإفريقي بسبب مضاعفات ما بعد التغيير السياسي الذي أفضى الى حكومتين فاشلتين، الأولى حكومة الشراكة، حيث  استدعى الشريك المدني دون شريكه العسكرى (فولكر الأممي وتابعه الإفريقي بلعيش) ليتدخلوا في الشأن السوداني، والحكومة الثانية، حكومة (اللا حكومة) المُكلفة التي أقامها الشريك العسكري.

* استغل (البعض) هذا الضعف والهوان الناتج عن الصراع السياسي الداخلي  حول السلطة في استهداف مصالح وحقوق السُودان في الاتحاد الإفريقي ، فكان قرار  (تجميد عضوية السودان) المتسرع ،  بسبب انقلاب غير متفق ولا مُجمع عليه من الدول الأعضاء لعدم تطابقه مع وصف الانقلاب بميثاق الاتحاد الإفريقي ،ولا زال الجدل مثار حول تشبيه ومساواة انقلاب  السودان، بالانقلابات التي حدثت في مالي وتشاد وغينيا.

* فقد اكتنف  قرار الاتحاد الأفريقي ادعاءان، الأول نابع من مبادئه التي نص عليها ميثاقه بضرورة إشاعة السلم في أفريقيا، ولكن عندما يُنظر إلى هذه المهمة من خلال تحققها في الفضاء السياسي الإقليمي، يسقط المعيار العادل، خاصةً أن دولة جارة وعضواً في الاتحاد الأفريقي هي تشاد لم تُعلّق عضويتها بتغيرّ نظام الحكم إلى نظام عسكري، وذلك بتولّي محمد كاكا ديبي، بعد مقتل والده، منصب رئيس المجلس العسكري الانتقالي، الذي من المفترض أن ينظم “انتخابات رئاسية ديمقراطية وحرة” في البلاد.

* لم يدِن مواطنه، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي هذا التطور، بل ظهر تناقض الاتحاد مع مبادئه في قراره بعدم تطبيق قواعده على تشاد .

* أما الادعاء الثاني فهو سياسي، إذ إن الاتحاد الأفريقي يبحث عن مكاسب فرض قيود على دول ذات سيادة، وكذلك في ما يتعلق باستخدام القوة بوصفها أداة في السياسة الخارجية له.

وانطبق استخدام القوة على دول مثل مالي التي تماثل حالتها حالة السودان، وقد عُلّقت عضويتها مرتين بعد انقلابين، آخرهما الذي نفّذ فيه رئيس المجلس العسكري أسيمي غويتا، انقلاباً على الرئيس المؤقت (باه نداو)، وأجبره على الاستقالة وأعلن نفسه رئيساً مؤقتاً، ولكن الفرق بين حالتي السودان ومالي أنه في الخرطوم، لم يتم التوافق في التعبيرات السياسية على مسمّى ما حدث بأنه انقلاب، كما أن الخلاف القائم هو بين شريكين في حكومة انتقالية كلاهما غير مرشح عبر انتخابات ديمقراطية، حتى ان رئيس حكومة الشراكة (حمدوك ) عاد بعد شهر وابرم اتفاق مع (البرهان) بمباركة من الاتحاد الافريقي ذات نفسه ، مما يشير الى ما تم   خلاف بين شركاء  ليس إلا.

* وعلى ذلك، يمكن أيضاً  قياس اختلاف حالة السودان عن حالة غينيا التي نفذ فيها الانقلاب العسكرى (مامادي دومبوي) على الرئيس المنتخب (ألفا كوندي) ، إذ أعلن الاتحاد الأفريقي تعليق عضوية غينيا وعدم مشاركتها في أنشطته. تدل هذه النماذج  على أن الاتحاد الأفريقي لديه تفضيلات خاصة لدول المنطقة في التعامل مع أزماتها.

* لم يرتضى الاتحاد الأفريقي استهواني واهمال السودان في دحض التهمة ، ممثلا في مفوضيته ومجلس سلمه وامنه ، طفق يكيل للسودان المزيد ، وهو لازال يتدلى من مغصلة التجميد ، حيث صرح   رئيس مجلس السلم والامن الافريقي النيجيري بانكولي تصريحاً يخول للسودان التقدم بشكوى ضده ، حيث تحدث باسم الدول الأعضاء وهو غير مخول او مفوض لذلك ، كما ان مهمته بحسب الميثاق الاتحاد الإفريقي تنحصر على تنفيذ قرارات الاتحاد وليس التعليق عليها بوجه سياسي متحامل، حين قال بانكولي (إنّ الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي تؤكد عدم  التسامح مطلقاً مع التغييرات غير الدستورية للحكومات في بوركينا فاسو ومالي وغينيا والسودان .

وشدد بانكولي، على إن الاتحاد مستعد لمساعدة الدول الأربع على العودة إلى النظام الدستوري.. ونُشدد على ضرورة  حماية  الديمقراطية وترسيخها).

* وان افترضنا جدلاً بان السيد (بانكولي) تحدث باسم عضوية مجلسه المكون من (15) دولة عضو ،   فوصف ما تم في السودان ( بانقلاب شبيه بانقلابات أخرى  استوجب التجميد) ، لم يكن بإجماع الدول الأعضاء داخل مجلس السلم والامن الافريقي حين إجازة القرار ،والذى جاء في ظل جدل مثار حول شبهات ترصد ،  ومن الأعضاء من عارض أو امتنع عن التصويت.

 

* خلاصة القول ومنتهاه: –

لعناية / السيد وزير الخارجية على الصادق ، الذى اسمع  “موسى فكى”  خلال زيارته الأخيرة للخرطوم،  صوت السودان المُنادى، بالاصلاح والتقويم داخل مجلس السلم والامن  الإفريقي ، بالضرورة لديكم ما يضاف لإسماعه مرة  أخرى ، ولو على سبيل الإحتجاج..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى