لماذا يتعلق الناس بتنبؤات رأس السنة
تتهافت شاشات التلفزيون حول العالم ومع نهاية كل عام، على استضافة المنجمين وعلماء الفلك للكشف عن توقعاتهم المتعلقة بأحداث العام الجديد.
ورغم أن “التنجيم” ليس بالظاهرة الحديثة، إلا أن تخصيص قنوات التلفزة مساحات كبيرة للمنجمين، ساهم بتغذية هذه الظاهرة وتحولها إلى “بزنس” مربح، خصوصا أن هناك فئة لا بأس بها من الناس، تتعاطى مع ما يقوله المنجمون بشكل جدي، يصل إلى حد اتخاذ قرارات شخصية بناءً على ما يقوله هؤلاء.
ويقول الإعلامي كريستيان أوسي، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الضعف البشري بحد ذاته والخوف من المستقبل وخاصة فكرة الموت دفعت بالإنسان منذ القدم إلى محاولة معرفة ما يخبئه له المستقبل وما سيحل به، مشيراً إلى أنه من الطبيعي أن يزداد الناس رغبة في معرفة الغيب مع ازدياد التوجه المادي في الحياة البشرية اليومية، حيث أصبح الفكر المادي يطغى على الفكر الروحاني وهذا ما زاد من عمل المنجمين.
عامل جذب للإعلانات
ووفقا لأوسي، وهو مستشار رئيس الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU)، فإن استغلال وسائل الإعلام لهذه الظاهرة وخاصة في ليلة رأس السنة، مرده إلى تحول المنجمين وعلماء الفلك إلى باب ربح يدر الكثير من الأموال، بفعل نسب المشاهدة المرتفعة التي يحققونها، لافتاً إلى أن هذه النقطة حوّلت المنجمين إلى عامل جاذب للمُعلنين، ومن هنا يمكن معرفة سبب تهافت القنوات على استقبال هؤلاء بهدف تحقيق الربح المادي، فكلما ارتفعت نسب المشاهدة كلما زادت قدرة وسائل الإعلام على جذب الإعلانات وتحقيق أموال أكثر.
ظهور إعلامي وخدمات
ويرى أوسي أنه رغم سخافة ما يقدمه المنجمون، إلا أن هؤلاء تحولوا إلى أشخاص أغنياء جدا، بفعل الأموال التي يجنونها عبر ظهورهم الإعلامي وما يتبعه من خدمات مدفوعة يقدمونها للأشخاص الذين يثقون بقدرتهم على معرفة الغيب، مشيراً إلى أن “بزنس التنجيم” بات من الأعمال التي تدر الكثير من الأموال في العصر الحالي.
من جهتها، تقول الأخصائية في علم النفس العيادي دارين عماش، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن نجاح ظاهرة التنجيم يعتمد على عنصرين أساسيين، الأول هو المُنجم الذي يتمتع بحنكة وبثقة كبيرة في النفس وقدرات كبيرة على الإقناع، أما العنصر الثاني فيعتمد على ضعف شخصية الفرد المتلقي لما يقوله المنجمون واستعداده لتكريس المال والوقت لهما.
الاستقرار المزيف
وبحسب عماش، فإن ما ساهم بازدياد تعلق الناس بهذه الأمور الوهمية، هو تدهور الأوضاع الاقتصادية والصحية وحتى الحروب، فعدم الاستقرار والخوف ينتج عنه السعي لمحاولة تخفيف القلق واكتساب الاستقرار المزيف عبر الاعتماد على أقوال المنجمين، مشيرة إلى أن قنوات التلفزة تحاول بطرق ملتوية ولأهداف مادية، إظهار أن المنجمين أصابوا بتوقعاتهم وهذا ما يساهم أيضاً في تصديق الناس لهم.
وتؤكد عماش أن التنجيم كناية عن شخص ذكي، يتحكم بأشخاص ضعفاء النفوس بحاجة للشعور بأنهم يتعاطون مع قوى خارقة، تستطيع تقديم إجابات مباشرة لمخاوفهم، مشيرة إلى قصة امرأة أميركية تمكنت وبفضل حنكتها، من خداع الناس على مدى سنوات طويلة عبر الادعاء بأنها منجمة، ليتبين لاحقاً أنها تعمل صيدلانية، ولكنها استغلت ضعف الناس وحاجتهم إلى من يرشدهم.