التموضع الإقليمى من الإيقاد للبحيرات ، و العافية درجات .
عمار العركى
* شهد النصف الأخير من العام الجارى 2022م ، إختراق وإنفتاحاً كبيراٌ ومقدراً على مستوى علاقات السُودان الأقليمية والدولية ، وذلك بعد فترة من التراجع والقعود والإنتكاسة جراء التطورات والتغييرات والأزمات السياسية والإقتصادية والأمنية والإجتماعية خلال السنوات الأربع الماضية ، خاصة ان هذا الإختراق الإيجابى تم فى تلك الظروف ،زائداٌ عليها عدم وجود “حكومة” او “دولة” بالمعنى المعروف لتسيير دولاب العمل ودفع عربة العلاقات الخارجية (مختلة الحركة) ، وبالتالى لم نلمس وجود أى شكل من أشكال الإدارة الإستراتيجية العلمية المهنية المتخصصة ، لإدارة ملف العلاقات الخارجية بأبعاده الدولية والإقليمية.
*وبالتالى،كان الإنفتاح الخارجي والإقليمي من خلال حراك ونشاط ومشاركات على مستوى (رئاسة مجلس السيادة الإنتقالى) ممثلاٌ فى شخص رئيسه الفريق اول عبدالفتاح البرهان ، او ما يمكن تسميته ب (الدبلوماسبة الرئاسية) ، كذلك كان هناك نشاط وحراك ملحوظ على مستوى العديد من المؤسسات، أهمه حراك ونشاط (جهاز المخابرات العامة) ، الذى بدوره بثً الروح فى بعض الملفات ذات الاهتمام الدولى والإقليمي كالإرهاب ومشُتملاته ، العلاقات مع اثيوبيا وتقطعاتها وتشعباتها ،العلاقة مع مصر وأهنيتها، وصولا للتعاون الإستخبارى والأمنى المشترك مع دول الإقليم، خاصة تجمعي دول لإيقاد والبحيرات ، وبالإمكان وصف هذا الإنفتاح (بدبلوماسبة المؤسسات أو( برنامج علاقات عامة لشخصية المؤسسة) وبصورة أدق هو ( عودة الجهاز المخابرات العامة لتنشيط وتفعيل دوره ومهامه الخارجية فى إطار الملفات والكيانات الأقليمية ذات الصلة) ، بمعنى أن جهاز المخابرات عاد لممارسة دوره (الطبيعى) الذى كان (موجود) بقوة كبيرة ومؤثرة فى كافة (الملفات والكيانات الإقليمية) محل الإنفتاح والإختراق الحالى.
* فى ظل هذا التطور والتقدم الإيجابى الذى طرأ على ملف العلاقات الخارجية رغم التحديات والمعوقات التى أشرنا لها ، يفرض العديد من الأسئلة المهمة والتى فى مقدمتها السؤال الدائم والقائم عن وجود خطة إستراتيجية مسبقة ؟ وهل هناك تقييم ومتابعة وتنفيذ لمخرجات واهداف نتاج المشاركات الخارجية التى تنصب في تحقيق المصالح ؟ وهل هناك أولويات وتقديم وتأخير لعربة العلاقات الخارجية ؟ هل هنالك تقييم ومراجعة جدوى الإنفتاح والإختراق الجديد وتأثيراته الإيجابية مسار العلاقات بصورة عامة؟ مثل فك تجميد عضوية السُودان فى الإتحاد الإفريقى، او دعم موقف السودان فى القضايا الإقليمية…. الخ ؟
* أعتقد بأن العبرة ليس بفتح آفاق جديدة للعلاقات وتمددها فى فضاءات بعيدة وتبنى مواقف وادوار وتكاليف إقليمية يكون من الصعب الإيفاء بها فى الوقت والظرف الراهن ، ولكن العبرة تظل بتركيز الجهود والإستفادة من الإمكانات (السياسية والبشرية والمادية) الشحيحة والمتواضعة فى تجويد وتمتين الموجود والمتاح منها فى إطار الفضاءات والمساحات القريبة والإستراتيجية ذات الأهمية والأولوية ، فالتركيز على ملفات (الإرهاب و الإيقاد ، العلاقات مع أثيوبيا ) والمشتركات فيما بينها بأبعادها وتأثيراتها (الداخلية والإقليمية و الجوارية) ، خاصة خطة الإصلاحات التى يتبناها السودان خلال رئاسته للدورة الحالية، ذلك أجدى وأفيد وأضمن .
* خلاصة القول ومنتهاه: –
* فى ظل الظروف والمعطيات الراهنة التى أقعدت ، ولا زالت تقعد السودان ،.وأضعفت رافعته ( السياسية والبشرية والمادية) فى استعادة تموضعه ودوره الإقليمى الطبيعى والمعهود ، الأمر الذى يُحتم على السودان التركيز والإستثمار الأمثل لما هو (متبقى ومتاح) من قوة وفاعلية (الرافعة) ، فخطوة قصيرة (معلومة ومتقنة) ، خير الف مرة من قفزة بعيدة (غير مدروسة نحو مجهول) والعافية درجات .