الكتاب

*في بريد سهير عبدالرحيم*  *( العنصرية دين أبليس)*

*(فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ ۖ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ)*
يُروى عن جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّهم خَرَجوا في زحفٍ معَ الرَسولِ عليه الصلاة والسلام في في العام السادس للهِجرةِ لهجومٍ دفاعيٍّ سُمِّي المُرَيْسيعِ أو بَني المُصطَلِقِ  _-ولنا تحفُّظٌ على مُصطلح غزوة والذي هو كما قال د. عماد بابكر قد جعل من المصطفى عليه الصلاة والسلام قائد عصابةٍ يغير بها على القبائل .. عِلماً بأنه لم يُقاتل قطُّ إلا دفاعاً-_ وعند عودتهم استراج الجيش عند بئر خزاعة ، وكان معهم جَهْجاهُ بنُ قَيسٍ الغِفاريُّ أجيراً لعمر بن الخطاب ، وكان رجلاً مزَّاحاً محسوباً على المُهاجِرينَ .. فكسَعَ سِنان بن وَبَرَة الأنْصاريّ (ضرَبَ دُبُرَه بيَدِه أو رِجلِه) ، فغضِبَ الأنْصاريُّ غَضَباً شَديداً وقال: يَا لَلأنْصارِ ، وقال المُهاجِريُّ: يَا لَلمُهاجِرينَ ، وكاد أن يقع الشرُّ بين الطائفتين ، فخرَجَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال: {ما بالُ دَعْوى أهلِ الجاهِليَّةِ؟! .. دَعُوها فإنَّها مُنتنةٌ .. وَلْيَنْصُرِ الرَّجُلُ أَخَاهُ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا ، إِنْ كَانَ ظَالِمًا فَلْيَنْهَهُ ، فَإِنَّهُ لَهُ نَصْرٌ ، وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَلْيَنْصُرْهُ} ، فلما وصَل الخبر إلى مَسامِعِ عبدِ اللهِ بنِ أُبَيٍّ ابنِ سَلولٍَ قال: {أقدْ تَداعَوْا علينا؟ لئنْ رَجَعْنا إلى المَدينةِ ليُخرِجَنَّ الأعَزُّ منها الأذَلَّ} ، فقال عُمَرُ بن الخطاب: {ألَا نَقتُلُ يا رَسولَ اللهِ هذا الخَبيثَ؟} ، فرفَض عليه الصلاة والسلام ، ثم أنزل الله سورةً كاملةً سمَّاها سورة المنافقين.
السورة الكريمة والقصة على اختصارها تختزلان كل المشهد الأكثر حضوراً في واقعنا اليوم ، يقول الناس كلمات العنصرية وكلمات الكفر ابتغاء لُعاعةٍ من الدنيا ، ويحسبونه هيِّناً وهو عند الله عظيم ، فما قيمة الوظيفة أو المنصب أو الغنيمة أو الجاه الذي يمكن أن يحصل عليه المرء ويكون مكافئاً لغُرمٍ يجعله في فئة المنافقين؟!! ، والبعض يسير إلى الله منذ أربعين أو خمسين أو ستين سنة ولا شك أنه يكاد يصل ، ثم لا دين ، ولا أخلاق ، ولا عقل ، ولا حياء ، فبماذا يريدون أن يلقوا ربهم؟!.
لن نسأم درب الأنبياء بتكرار أن العنصرية Racism هو دين إبليس الذي بسببه خرج من رضوان الرحمن ، والعصبية Fanaticism على أساس إقليمي أو حزبي أو طائفي أو فكري أو مذهبي أو …الخ ، هي جهلٌ وتخلُّفٌ لا يقلُّ قُبحاً عن التمييز العرقي ، وأن توأم الشرّ  *(العنصرية والعصبية)* ما حلَّ بأمةٍ إلا فرَّقها وأضعفها وأفقرها وجعلها مُستعبدةً لغيرها من الأمم ، فالسودانيون أُمَّةٌ واحدة تربطهم ثقافتهم ومصالحهم بجوارهم الإقليمي العربي والإفريقي ، وجيناتهم تمتد إلى سائر الإنسانية ، وخطابنا للعقلاء والحكماء والعلماء ولمن يرجون لقاء الآخرة ولولاة الأمر .. تأسُّوا بنبيكم عليه الصلاة والسلام فاوئدوا الفتنة في مهدها ، وليكُن لكلٍ منكم موقفٌ يعتذر به يوم تُبلى السرائر ، فإنكم مسؤولون عن ذلك عند ربكم ، فاتقوا الله في أنفسكم ، واتقوا الله في أهلكم ، واتقوا الله في الأجيال القادمة ، فما أعظم الآثام التي يُصِرُّ البعض على أن يحملها فوق ظهره ، والساكت عن الحق شيطان ، والذي يُضيع آخرته بدنيا غيره أبله من هبنَّقة … اللهم هل بلَّغت .. اللهم فاشهد.
 *(وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ)*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى