*من نماذج التعايش*
-محجوب فضل بدرى-
-كلما راج خطاب الكراهية والعنصرية، فى حق اهل الشمال من بعض مكونات قبائل غرب السودان، والغرب عموما يعنى كردفان، ودارفور، وجبال النوبة، وتهديداتهم للجلابة، والتى تعنى عموم سكان الوسط والشمال، كلما تذكرت( *حاجة حرم* ).
-الحاجة حرم محمد احمد زوجة جدنا *الناظر عبدالله أفندى محمد فضل* والذى كان قد اقترن بها عندما كان ناظرا لمحطة السكة الحديد بالأبيض، وهى من اسرة (العمدة كبر عمدة الرهد أب دكنة)وعاش معها حياته كلها ولم يزرقا بذرية حتى أحيل على المعاش، واختارته شركة ميتشل كوتس ليكون من موظفيها ببورتسودان، وهو راض عن حياته معها، وما ان استقر بهم المقام فى مروى شرق، حتى اخذت حاجة حرم زمام المبادرة وعرضت عليه الزواج من اخرى طلبا (للخلفة) ووقع اختيارها على احدى فتيات القرية، وتقدمت حاجة حرم النسوة فى السيرة، وهى تحمل (العمرة) على رأسها، والعمرة بضم العين وترقيق الراء هى طبق كبير تحمل فيه شيلة العروس، فى موقف فريد لا يتكرر ابدا، والناس يعجبون اى امرأة هذه التى تسعى لايجاد ضرة فى حياتها برضائها بل وبتشجيعها!! واكتملت فرحة الحاجة حرم، بانجاب زوجها عبدالله فضل من زوجته الجديدة ابنه البكر ابن الخطاب، وبنته فاطمة الزهراء البتول، وبنته الثانية (حاجة حرم) ثم محمد ود فضل، ثم هاجر، التى توفيت صغيرة، ثم ابوعبيدة عامر بن الجراح، واخيرا هاجر الثانية، وكانوا جميعهم ينادونها ب (يمه حرم) وينادون امهم الفعلية باسمها مجردا، وكان عبدالله فضل ضد تعليم البنات فى المدارس، فأخدت حاجة حرم (بناتها) زهرة وحرم، فى اجازة الى الأبيض وادخلتهن المدرسة هناك ولما عادت واحتج عبدالله فضل على تصرفها، قالت له معليش انا كنت قايلاهم بناتنا، لكن مادام هن بناتك براك، امنعهن من المدرسة، وزعلت حاجة حرم التى لاتعرف الزعل فنزل عبدالله فضل عند رأيها، واستمرت دراسة البنات، بفضل حاجة حرم، التى عاشت ومعها امها حاجة رقية حتى توفيت بمنزل عبدالله فضل وقبرت بجبانة عبدالحميد بمروى شرق، ولم يكن احد يشعر بانهن (غريبات او غرباويات،) فقد تعاظمت العلاقة فأذابت الفوارق الوهمية واختفت مظاهر الشقاق، ولما توفى عبدالله فضل، قامت حاجة حرم بتسجيل بيتها فى مدينة الابيض باسم ابناء عبدالله فضل، وفاء لتلك العلاقة النبيلة التى جمعت بينها وبين أهل عبدالله فضل بمروى شرق، والتى قضت وامها بقية عمريهما فيها دون ادنى مشاكل مهما صغرت، وكانت حاجة حرم الملاذ لبنات الاسرة حال تعرضهن لاى مشكلة زوجية، فكانت الحاجة الحكمية، والوالدة الشفوقة، رحمها الله رحمة واسعة وجسدها الطاهر يرقد ضمن مقابر الاسرة الممتدة بمروى شرق.