بريد سهير
في بريد سهير عبد الرحيم.. *(وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ)*
كانت البسوس بنت منقذ التميمية مجرد أعرابية تطوف البوادي ، فلا هي ذات مكانةٍ وحسب ، ولا كانت ذات مال ، ولم يُذكر لها نصيبٌ من جمال ، ولم يؤثر عنها شِعرٌ سوى أربعة أبياتٍ ركيكةٍ سمُّوها بأبيات الفناء ، وكان للبسوس تابعٌ في جوارها اسمه سعد بن شمس له ناقةٌ ذهبت ترعى في حِمى الملك كُليب بن ربيعة فرماها بسهمٍ فقتلها ، فقالت البسوس أبياتها التي أنشبت حرباً دامت أربعين سنة بين أبناء العمومة من بكرٍ وتغلب.
لا يحتاج إنشاب الفتنة منصباً رسمياً ، ولا شهاداتٍ متخصصةٍ علمية أو مهاراتٍ عبقرية ، ولا تتطلب مالاً أو سلاحاً لنشرها ، ولا تعوزها مظالمٌ تاريخية أو تبايناتٍ عرقية لإذكائها … كلما تحتاجه الفتنة نفسٌ مريضةٌ بالحقد ، سقيمةٌ بالجشع ، معدومة الضمير ، منقوصة الدين ، شديدة الأنانية ، مطموسة الأخلاق والقيم ، ولا يخلو مجتمعٌ بشري من مُحبي سماع الفتنة والسير فيها … فكيف لو توفر للفتنة كل ذلك!!!!!!
دأب الكثيرون في بلادنا من ذوي الشوكة وغيرهم يتهددون الناس بالحرب وخراب العمارات التي ستسكنها القطط ، وطفقوا يستزيدون من ذاك الوعيد كلما شعروا باحتمال انتقاص مغانمهم المكتسبة أو المرجُوَّة والتي يرونها حقوقاً شخصيةً مقدسة ، وتعالت الأصوات بالعنصرية النتنة من هنا وهناك ، وسالت دماءٌ عزيزةٌ بداعي العصبيةِ في شتى بقاع الوطن .. ولاتزال تسيل ، وليست المشكلة في الحرب الأهلية وحدها ، وإنما فادحة المصائب أن الجميع يقاتلون تحت لواء إبليس ، فالعنصرية هي دينه ، وشعاره *(أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ).*
إذا ما كنت ذا مكرٍ وشرٍّ
خبيث الطَّبع منزوعَ الأمانة
فأبشر بالخيانةِ أنت أيضاً
فما نال الخؤون سوى الخيانة
*(لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)*
التوقيع: من قارئ