
أثار كتاب “حريم الطيب صالح.. دراسة من منظور نسوي ما بعد استعماري” جدلاً واسعاً خلال الفعالية الأولى من “ليالي سوداني الرمضانية” التي أقيمت في مركز التسامح بالعاصمة المصرية القاهرة في الخامس من مارس 2025. الكتاب، الذي ألفته الناقدة والكاتبة ميسون عبدالحميد، صدر عن دار الفأل للنشر، ويستعرض من خلاله الشخصيات النسائية في أعمال الروائي السوداني المعروف الطيب صالح، مما يجعله موضوعاً مثيراً للنقاش في الأوساط الأدبية.
خلال الندوة التي تم تنظيمها لمناقشة الكتاب، أعرب بعض النقاد والكتاب عن اعتراضهم على استخدام مصطلح “حريم” في عنوان الكتاب، معتبرين أن هذا المصطلح يحمل دلالات صادمة ويعكس واقعاً تاريخياً واجتماعياً قاسياً تعرضت له المرأة، سواء في السودان أو في دول عربية أخرى. هذا الاعتراض يعكس التوترات الثقافية والاجتماعية المحيطة بمسألة تمثيل المرأة في الأدب، ويعكس أيضاً التحديات التي تواجهها الكاتبات في التعبير عن تجاربهن.
أوضحت الكاتبة ميسون عبدالحميد أن الكتاب يمثل مشروعاً بحثياً نسوياً من منظور محلي، يهدف إلى إعادة تعريف مفاهيم ما بعد النسوية وما بعد الاستعمار، دون أن يسعى إلى إدانة الرجال. وأكدت أن الهدف هو منح النساء صوتاً يعبر عن تجاربهن الإنسانية ورؤيتهن للعالم، بما في ذلك تاريخهن المحلي من خلال السرد الأدبي. وأشارت إلى أن صوتها يمثل جزءاً من أصوات عديدة للنساء في الجنوب ما بعد الاستعماري، مما يعكس تنوع التجارب النسائية في هذا السياق.
من هي ميسون عبد الحميد؟
تُعتبر ميسون عبد الحميد واحدة كاتبة متخصصة في مجال المسرح السوداني، حيث تخرجت من كلية الموسيقى والدراما في جامعة السودان عام 2009. نما شغفها بالمسرح والأدب النسوي، مما جعلها تسهم بعدد من الأوراق، والبحوث، في الملتقيات المسرحية الحديثة، سواء داخل السودان أو على المستوى العربي.
إنجازات متميزة
فازت ميسون بجائزة يوسف عيدابي للبحث المسرحي في عام 2018 عن بحثها الذي يحمل عنوان “تجارب ما بعد الحداثة في المسرح السوداني 1980-2018″، والذي يتناول فيه تطور الفرق المسرحية المستقلة كنموذج يعكس التغييرات الثقافية في البلاد. كما حصلت على جائزة الهيئة العربية للمسرح للكتاب المسرحيين الشباب دون سن الـ 35 عامًا في عام 2019، عن بحثها “الخصوصية الثقافية للأشكال الإبداعية لما بعد الكولونيالية في الوطن العربي”.
تناول تجارب المرأة
تعبر ميسون عبد الحميد عن قلقها العميق حول الصورة النمطية التي تروجها معظم النصوص الأدبية المتداولة، والتي تقتصر على صفتي الغواية والسحر في الأدب النسوي العربي. في تصريحات سابقة لها، تؤكد ميسون:
“تحتاج الأدب النسوي العربي إلى توسيع نطاقه ليتجاوز هذه الصور النمطية، وإلى معالجات أكثر عمقًا وشمولية للتجربة النسوية.”
مؤلفاتها
مؤخراً، أصدرت ميسون كتابها الجديد “تجارب ما بعد الحداثة في المسرح السوداني 1980-2018” والذي يتناول الفرق المسرحية المستقلة كنموذج محوري ضمن رؤيتها. كما يُعتبر كتابها “حريم الطيب” مثار جدل واسع، حيث يسعى لإعادة قراءة مفهوم “الحريم” من منظور ثقافي سوداني.
نقاشات ثقافية
فيما يتعلق بنقاشات الكتاب، أشار الناقد خالد سعد إلى:
“إن النقاش المفتوح حول هذه القضايا لا يعزز فقط الفهم الثقافي، بل يسهم في تطوير لغة أكثر دقة وعدالة في التعبير عن التجربة النسوية السودانية.”
تتطلع ميسون عبد الحميد إلى مستقبل يعزز من دور النساء في الفنون الأدبية والمسرحية، وتحقيق مزيد من التقدم في المشهد الثقافي السوداني.
تقدم ميسون عبد الحميد رؤية فريدة للإبداع الأدبي والمسرحي، وتعمل على تحطيم الصور النمطية التقليدية، مما يجعل من أعمالها مصدر إلهام للأجيال الجديدة من الكاتبات والنقدات في العالم العربي.