الكتاب

نبض للوطن.. أحمد يوسف التاي: سنجة.. انتزاع الروح من الجسد

خاص صوت السودان

(1)
الحقيقةُ التي لاجدالَ فيها ولامِراءَ أن ولاية سنار كانت هدفاً استراتيجياً عزيزاً للتمرد..وفي ولاية سنار نفسها كان هناك الهدف الأغلى الذي أسأل لُعاب الميليشيا وهو منطقة جبل موية وسنجة والدندر، لذلك كان خروج التمرد من هذه المناطق مثل خروج الروح من الجسد تماماً فقد كرّس لوجوده هناك بصورة أقوى.. أجتهد المتمردون وداعموهم من دول الجوار والإقليم في تركيز كل أسلحتهم الحديثة
وتكنولوجيا الحرب التي وصلت من الخارج في منطقة جبل موية التي حشدوا فيها أفضل المقاتلين وأفضل الفنيين والخبرات وأحدث الأسلحة وذلك للأهمية البالغ لهذه المنطقة وميزاتها التاريخية والجغرافية واهميتها الأثرية التي أسالت لُعاب الداعمين الإقليميين، لكن بفضل الله كل هذه الإمكانيات الضخمة وقعت في أيدي الجيش السوداني فكانت جبل موية قاصمة ظهر للتمرد لتأتي “الغرغرة” وسكرات الموت في سنجة.
(2)
في تقديري أن انتزاع سنجة أمس ومن قبلها جبل موية والدندر والسوكي هو إنتزاع لروح التمرد من أسفل جسده إلى “حلقومه”..
الآن بعد سنجه، ها قد بلغت الحلقوم والداعمون حينئذٍ ينظرون فلا يقدِرون على إرجاعها وماينبغي لهم ولا يستطيعون.
(3)
لقد كان تحرير سنجة بعد جبل موية والدندر والسوكي فتحاً ونصراً ومفتاحاً لإغلاق أبواب الحرب والمعارك الميدانية الرئيسة، اللهم إلا غارات وهجمات مثل حرب “الغوريلا”،ولا أتوقع بعد الآن أن تكون هناك معارك كبيرة ومواجهة بين الجيوش في الميدان بصورة المعارك المعروفة، لأن سنجة حسمت الأمر ولايمنع ذلك المناوشات هنا وهناك بنَفَسٍ متقطع أشبه بفرفرة المذبوح، أولم ترون أنها قد بلغت الحلقوم..
(3)
إنتصار جيشنا القومي وتحرير المدن ليس ضرورياً للحرب فقط بل اكثرُ ضرورةً للسلام وموائد التفاوض والتسويات السياسية مستقبلاً فلا ندري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً، أقول ذلك لأن
أيُّ حربٍ مهما تطاولَ ليلُ سوادِها وامتدت معاناتها، وتكاثرت جرائمُها وكَثُر ضحاياها وتعقدت أسبابها واستعصى حلُّها، لابد أن تضع أوزارها يوماً في كتابٍ مسطور وأجل محتوم عند مليكٍ مقتدر كل شيءٍ عنده بمقدار، ولكل أجلٍ عنده كتاب .. ليس بأماني (لا للحرب ) وليس برغبات (بل بس)…ستضع الحرب اوزارها يوما وهذا هو عشمنا وخيارنا الأفضل الذي لن نحيد عنه… عندما تضع الحرب أوزارها يأتي دور هذه الانتصارات الحالية وتأتي أهمية تحرير المدن، لأن المنتصر الآن لابد أن يفرض شروطه الآن وغداً ولابد أن يأخذ الحق بقوة وليس تفضلاً من أحد..ويستطيع المنتصر أن يضع أجندة التفاوض وشروطه على نحو يضمن المحاسبة وعدم الإفلات من العقوبة وتفكيك كل ما من شأنه أن يعرض أمننا القومي للخطر في المستقبل البعيد والقريب.
(4)
الانتصارات التي تحققت حتى الآن ضرورية للسلام والتفاوض إن قُدر أن يكون هناك تفاوضاً على تفكيك الميليشيا وكل الميليشيا لصالح جيشنا القومي ..
لأنه لن ينصلح الحال أبداً إذا لم تنتهي عقلية تكوين الميليشيات في وجود الجيش القومي…وجود جيش قومي واحد موحد هو الترياق وصمام الأمان وما عدا ذلك فإننا سنبدو كالذي يحرث في البحر أو كالذي استهوته الشياطين حيرانَ هائماً على وجهه..إذا لم نفعل فبعد أن نقضي على تمرد حميدتي سنواجه ألف حميدتي آخر وهذه مسألة أمن قومي يجب ألا يكون فيها مجاملة أو عاطفة أو إنحياز لحزب أو قبيلة أو طائفة فليكن ذلك واضحاً في الأذهان …اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى