الكتاب

نبض للوطن.. أحمد يوسف التاي: شلة مزرعة الزقوم

خاص صوت السودان

(1)

ماغابت المحاسبة والمساءلة في أي بقعة من البقاع، وفي أي بلاد ، وفي أي مؤسسة أو موقع إلا ودخلت الفوضى بالرِجْل “اليسرى” وتبولت على رأس القانون وهيبة الدولة..

وماقيمة الدول إذا غاب عنها القانون الذي يصنع الهيبة، والمحاسبة التي تردع الفوضى.

إذا غابت المحاسبة تَصرَّفَ المسؤولون بالدولة وكبار الموظفين، صرفوا في المؤسسات الحكومية، والموارد والاموال العامة كما لو أنها مِلكٌ خاص، أو “تركة” ورثوها من آبائهم وامهاتهم يتصرفون فيها كما يشاءون وكيفما شاءوا..

إذا غابت المحاسبة والمساءلة في أي بلاد ، خسرت البلاد المعنية كل شيء: ثرواتها ومواردها ولحقها التبديد والفشل الذريع، وأخذت بناصيتها الكوارث والازمات..

واعلموا يقيناً أن أي كارثة وطنية أو أي أزمة وراءها إهمال وتقصير والسبب غياب المحاسبة..

وقديماً قيل من أمِنَ العقاب ساء الأدب.. ولعلنا هنا نتحدث بلغة الأرقام ونورد بعض النماذج للخسائر الوطنية الفادحة التي كانت نتاجاً طبيعياً لغياب المحاسبة والمساءلة عن التقصير والإهمال، وممارسة الفساد وامثلة (سوء الأدب) ممن أمنوا العقاب..

(2)

أولاً الحرب الحالية بكل نتائجها وخسائرها الفادحة وباختصار شديد كانت نتاج تقصير وإهمال كبيرين سواءً أكان بقصد أو بدونه..وتحت بند الإهمال والتقصير يمكن أن نضع كل النتائج والأضرار والخسائر الوطنية التي حاقت بالوطن والشعب ، ولغياب المساءلة والمحاسبة تمدد الإهمال والتقصير حتى بلغ مبلغاً أغرى كل صاحب أجندة خاصة وطموح شخصي أن يعبث بأمن البلاد ومستقبلها وحاضرها و”ماضيها” أيضاً..

(3)

معدلات الاعتداء على المال العام والسرقة وخيانة الأمانة والتزوير وتبديد الأموال كان ولازال في تصاعد مذهل وفقاً لتقارير المراجع العام ما يؤكد غياب المحاسبة والمساءلة والعقاب.

حتى سرقة مواد الإغاثة في كل سنيِّ الكوارث تبدو في تصاعد مزعج لغياب المحاسبة والمساءلة..

(4)

التقارير العالمية الخاصة بالشفافية والنزاهة المالية تضعنا في كل عام في ذيل القائمة ويتم تصنيف دولتنا من الدول الأكثر فساداً..

ولايحدث ذلك إلا بغياب المحاسبة والمساءلة.

(5)

عمليات تهريب الذهب جواً وبراً وبحراً إلى دولة الإمارات وغيرها من دول الخليج، كان مثار حديث المجالس، حتى اصبحت بلادنا قبلة لجهابذة المهربين وهل أُذكِّركم بوقائع الضبطيات التي حدثت بصالة كبار الزوار، واستغلال الحضانات في التهريب، وهل اذكركم بمسؤولين تورطوا في تهريب أثمن الآثار ولم نسمع أحد تجرأ على محاسبة أحد…

حدث كل ذلك وتكرر عندما غابت المحاسبة والمساءلة..

(6)

الآن..الآن..انظروا ما حدث لسد اربعات..خسائر عظيمة وآثار أعظم وكوارث وخيمة نتيجة للإهمال الواضح حيث تجاهلت الإدارة الصيانة لمدة لسنوات عديدة ونتيجة لتراكم الطمي والتصدع وظهور تشققات قوبلت ب(الطناش) بدلا من الصيانة، انهار السد الذي ستكون آثاره مدمرة فهو الذي يمد بورتسودان بالحياة وليس مياه الشرب وحسب.

ونتيجة للإهمال وغياب المحاسبة (حدث ما حدث).

 والعبارة بين القوسين أيضاً هي أصبحت بلا منازع رمزية للامبالاة والتقصير وغياب المحاسبة..ولا مُش كدى..أسألوهم إن كانوا ينطقون.

(7)

المهربون لايكادون يلتقطون أنفاسهم من كثرة تنفيذ عملياتهم المستمرة ..تهريب كل شيء النحاس إلى تشاد..الذهب إلى دول الخليج .. تهريب الآثار.. الحيوانات والطيور النادرة..

كل ذلك يحدث في تصاعد لغياب المحاسبة التي هي الرحم الخصب لاستولاد (الإهمال) و(التقصير) و(الفساد) بكل ضروبه..

نحن أمام كارثة كبيرة جداً إسمها غياب المحاسبة والمساءلة هي التي شجعت واستنبتت الفساد والتقصير والإهمال حتى صارت بلادنا اشبه بمزرعة الزقوم التي لايَسْتطْعِمُها إلا (الخاطئون)، وأما سواهم فلا (كيل) لهم ولايقربون…اللهم هذا قسمي فيما أملك..

نبضة أخيرة:

ضع نفسك في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى