الكتاب

زين العابدين صالح عبد الرحمن يكتب : بيرييلو ليس أذكى من مادلين اولبرايت

خاص صوت السودان

في تسعينات القرن الماضي أجتمعت وزير الخارجية الأمريكية مادلين اولبرايت بقيادات المعارضة في كمبال، و صرحت لهم أن واشنطن قررت اسقاط نظام الإنقاذ، و قالت بشكل واضح؛ أن واشنطن رصدت عشرين مليون دولار دعم لدول جوار السودان التي تتعاون مع واشطن لإسقاط نظام الإنقاذ، الغريبة أن موسفيني متعهد أن يلعب الدور القذر ضد السودان طوال فترة حكمه ، ثم دفعت إلي المعارضة عشرة ملايين دولار بهدف الاستعداد لعملية إزالة النظام، هللت و فرحت المعارضة.. الغريب في الأمر أن أحزاب المعارضة لم تبين لعضويتها ماذا فعلوا بهذه الملايين… لكن لمعرفة أن الأموال وضعت في أحدى البنوك ” بفائدة شهرية ” 14% Interest” و كانت تذهب إلي الموكلين على المال و لا تخف على الناس أصبحوا الأن من رجال الأعمال.. و لم يستطيع كلينتون و وزير خارجيته مادلين أولبريت أن يسقطوا الإنقاذ، و لكنهم استطاعوا أن يضربوا مصنع الشفاء لصاحبه صلاح أدريس.. و سقطت الإنقاذ بمظاهرات الشباب السلمية دون ان تدفع لهم الملايين الدولاارات، و تساعدهم دول الجوار..

كانت مادلين كثيرة التصريحات، رغم أن وجودها كان قبل عصر وسائل الاتصال الاجتماعي، ألان ظهر المبعوث الأمريكي للسودان توم بيرييلو و هو مايزال تحت الاختبار في العمل، و يمكن أن يفقد وظيفته إذا تغير الإدارة ألأمريكية بأحد المتنافسين، هذا الشخص تعود بعد ما أصبح مبعوثا للسودان أن لا يغض شخص من الذين يعقدون عليه الأمال ،و لا يحرج أية وسيلة أتصال، يمكن أن يتحدث في اليوم 24 ساعة دون أن يصمت دقيقة واحدة، و كلها تصريحات ليس لها أية فاعلية، ربما يحاول أن يرضي البعض. لكنه سوف يخسر أمام الرأي العام االسوداني لمؤمن بالمثل الذي يقول ” السواي ما حداث” فالذي يتحدث كثيرا، و يطلق التصريحات هنا و هناك دون أن تكون لها قيمة في الواقع، لا يستطيع أن يكون فاعلا الا في التصريحات، هو نفسه متأكد أن حدوده لا تتجاوز التصريحات التي يطلقها على منصة (X).. و ربما أن الإدارة الأمريكية مشغولة بقضايا ذات أهمية دون قضية السودان، و ظهرت في المناظرة بين كمالا و ترامب، حيث غفلت السودان تماما و حتى لم يأتي أسمه من باب المجاملة، لذلك طلبت الإدارة من بيرييلو أن يملأ الساحة بالتصريحات، لعل الذين يلهثون وراء أمريكا أن تفعل لهم شيئا يطمئنهم حديث بيرييلو، أصلا الإدارات الأمريكية تعتقد أن هذه المنطقة تعشق الشعارات و الهتاف و بالتالي ترسل لهم شخص يفوقهم في الحديث و التصريحات و حتى الهتاف..
قال بيرييلو على صفحته في منصة ” X” (أنه و الإدارة الأمريكية يقفان بجانب الشعب السوداني في مطلبه الثابت باليمقراطية بقيادة مدنية) و من الذي قال إلي بيرييلو أن الشعب رافض الديمقراطية، و لماذا كانت الثورة أليس من أجل الديمقراطية، لكن أمريكا نفسها لا اعتقد أنها تريد ديمقراطية، و دلالة على ذلك أنها تدعم أغلبية دول المنطقة التي لا علاقة لها بالديمقراطية، و أمريكا بسبب موقفها السلبي من الديمقراطية الثالثة، هي التي كانت سببا في ضياع الديمقراطية، أمريكا تبحث عن مصالحها بأي ثمن، و الديمقراطية فقط مدخل لإيجاد موطيء قدم، و لولا ضعف سلطة الفترة الانتقالية التي سمحت للسفارات أن تتدخل في الشأن السياسي السوداني، رغم أن العسكر عندما حاولوا يفرضوا شروطهم بعد سقوط النظام و قاموا بفض الاعتصام، خرجت الملايين للشوارع لكي توضح أنها القوة التي لا يمكن تجاوزها، السؤال للمدنيين الذين كانوا يحكمون لماذا فرطوا في الشارع من أجل السلطة. الديمقراطية مطلب شعبي دفعوا مهره في الشوارع. ولكن النخب التي رعتها أمريكا لبتمرير مصالحها هي التي اسقطت الديمقراطية عندما جعلت بينها و بين الشارع هوة واسعة وفقدت الثقة.. بيرييلو سؤال مباشرة سألته في المقال السابق.. من الذي يدير الأخر امريكا هي التي تجعل من دولة الأمارات أداة لها لكي تنفذ لها مخططاتها أم الأمارات هي التي توظيف أمريكا.؟. السيد بيرييلو الرجاء التعامل بالكتاب المفتوح ماذا تريد أمريكا من السودان، أجعل قضية الديمقراطية التي تحاولون بها ملهاة الناس جانبا، و بين لنا بوضح ما هي الأجندة الأمريكية في السودان؟
يقول بيرييلو أننا سوف نقف ضد ” دعاة الحرب و استمراريتها في السودان” من هم دعاة الحرب.. اليس الأفضل لك أن تأتي إلي السودان و تقابل الشعب الصابر على المعاناة، لكي تعرف منه الحقيقة و حتى تعرف من المستنفرين و المقاومة الشعبية لماذا حملوا السلاح من الجري وراء السراب.. الديمقراطية في السودان سوف يصنعوها هؤلاء إذا قبلت أمريكا أو لم تقبل، لآن هؤلاء وحدهم الذين عرفوا قيمتها، و عرفوا معنى الوطن، و هؤلاء اكسبتهم الحرب وعيا جديدا. عندما أرادت الأمارات أن توطن مرتزق في أرضهم أمام اعين الإدارة الأمريكية و لا أقول الشعب الأمريكي.. أن تجربة الفترة الانتقالية أكدت أن وقف الحرب تعقبها مباشرة انتخابات و تأتي أمريكا و الاتحاد الأوروبي و الذين تختارهم أمريكا مراقبة الانتخابات و تحرس صناديق الاقتراع و الذي يختاره الشعب يحكم و ينفذ برنامجه.. لكن سلطة مدنية دون انتخابات سوف تجعلنا في نعيد إنتاج الأزمة مرة أخرى… اسمعنا مرة بيرييلو سوف نقف في صفك و نكتب بوصية للإدارة الجديدة أن تواصل مهمتك.. إذا كنت تبحث عن الديمقراطية بعد وقف الحرب قيام انتخابات عامة لكي يختار الشعب بكل أريحية القيادة التي يريدها.. لكن تجربة “الاتفاق الإطاري”و محاولات تغبيش الوعي لرفع قيادات دون انتخابات، مسألة مرفوضة و غير مقبولة.. أنت ليس أذكى من مادلين أولبريت التي دفعت أموال طائلة دون أن تجني ما تريد.. و أنت فقتها في التصريحات التي لا تعد و لا تحصى.. الرجاء ركز في قضية الانتخابات العامة ستجد الكل انفض من حولك، و ستجد الملايين تقف معك فعلا و شوف عين.. نسأل الله التوفيف..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى