الكتاب

نبض للوطن.. أحمد يوسف التاي: الدرس القاسي…لم يتعلم أحد

خاص صوت السودان

(1)
تحمل السودانيون مرارة فقد الأحبة، وآلام التشرد والنزوح، والإذلال وإهدار الكرامة وإنتهاك الشرف، وتدمير البنيات التحتية للوطن…تحمل السودانيون كل ذلك على أمل أن يكون هذا الثمن الغالي وهذا الدرس القاسي هو ثمن
لطي صفحة الماضي بكل إسقاطاتها وصراعاتها المريرة وأساليبها الفاسدة في إدارة الدولة بعقلية متخلفة انتجت الدمار والهلاك، ولكن للأسف لايبدو شيئ من ذاك.
كان عزاء السودانيين أن يتعلم السياسيون والعسكريون على حد السواء من هذا الدرس البليغ أن تجريم الآخر وتخوينه وإقصائه هو الحاضنة التي فرخت كل المصائب التي تجثم الآن على صدر الأمة..
كان العزاء أن يتعلم كل السودانيون شعباً وساسة وعسكر وحكام من هذا الدرس القاسي أن قبول الآخر واحترامه واحترام الإختلاف هو جسر الوصول إلى بناء الأمجاد والدول ونهضة الشعوب وقاعدة الاستقرار الراسخة.
وبالمقابل أن إزدراء الآخر وتخوينه وتجريمه وإقصائه ومحاولة إلغائه بالكامل لاينتج إلا دورات متتالية من العنف والحروب والنزاعات والصراع وزعزعة الاستقرار.
(2)
كان عزاء السودانيين أن يتعلم الساسة والعسكر الذين كانوا يصطرعون على كراسي السلطة من هذا الدرس القاسي أن إستخدام السلطة لضرب الخصوم هو سهم سام يرتد على نحر الوطن كله ، بل عمل فاسد غير صالح ومخالف لناموس الكون وحكمة الله في الخلق، إذ جُعلت السلطة والجيوش لحماية الأوطان، ولتحقيق العدل بين الناس وحمايةً للمستضعفين وسنداً للمظلومين وعطاءً للمحرومين وتحقيق الخير والنماء والنهضة للناس أجمعين، وليس للإستقواء بها لضرب الخصوم السياسيين وتقليم أظافرهم ونتف ريشهم ومنعهم من التحليق.
(3)
كان العزاء أن يتعظ الساسة ويتعلموا من الدرس أن (الغول) معصوب العينين لا يرحم أحداً ولايستثني أحداً ولايفرق بين “كوز” و”شيوعي” ولابين بعثي وانصاري، ولابين سني وشيعي ولابين الصوفية وأنصار السنة، ولاغني ولافقير.
كان العزاء أن يتعلم السودانيون من هذا الدرس القاسي أن حجم التآمر على بلادهم وعلى وجودهم كان أكبر مما كانوا يتصورون…
كان العزاء أن يتعلم الساسة والعسكر من هذه التجربة ..ولكن ليس هناك ما يدل على أنهم تعلموا شيئاً…
(4)
لم يتعلموا شيئاً، ولم ينسوا مما جبلوا عليه شيئاً..الخطاب الإعلامي لدى قادة الجيش يعج بالتخوين وتعميم الاتهامات بالعمالة والخيانة والأرتزاق ويضمر الإقصاء والعزل وإلغاء الآخر في ثناياه..
ومثله تماما الخطاب الإعلامي للقوى السياسية والذي يمور بتبادل الاتهامات والتخوين والتجريم إذ يسعى كل طرف لتلطيخ سمعة الآخر وتشويهها واغتيال شخصيته بهدف إلغائه..الضرب تحت الحزام مازال سيد الموقف..نفس الأساليب الفاسدة في العمل السياسي..نفس الحفر والتخوين والتجريم يريدون أن ينتظروا بها مسرح مابعد الحرب..
(5)
إذن وبناءً على ماسبق ستنتهي الحرب ، وتفرض المؤسسة العسكرية هيمنتها على السلطة (بحقها) وسيعود الساسة إلى المسرح لمقاومة هيمنة الجيش لتبدأ دورة جديدة من العنف..والتي تنتهي بتفاهمات ومحاصصات وإقصاء أطراف أخرى لتبدأ دورة أخرى من الدم والدموع والعنف..وهكذا الساسة والعسكر لم يتعلموا شيئاً من دروس الحاضر، ولم ينسوا شيئاً من أساليب الماضي..
أقول ذلك لأني اعتقد وبكل يقين أن الحرب الحالية وافرازاتها وآثارها والدعم السريع وآثامها ما هي إلا نتائج فقط لمشكلة أكبر وسياسات فاسدة وأساليب نتنة هي التي انتجت الحرب والدعم السريع وكل هذا الخراب.. الدعم السريع وغيره نتاج سياسات وعقليات فاسدة متخلفة لابد أن تنتهي تلك العقليات والسياسات حتى لا نتفاجأ بنسخة أخرى منه وإني آراها الآن تتخلق في (رحم) ما..هل قلتُ رحم….
اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى