الكتاب

أحمد يوسف التاي يكتب: البضاعة القذرة

نبض للوطن

(1)
تأملتُ كل الجرائم، والصفات الذميمة، فلم أجد أسوأ وأقبحَ وأذمَّ من الكذب، فهو مذمومٌ في كتاب الله العظيم ،وسنة رسوله المطهرة، وفي الديانات السماوية كلها ،وفي المباديء الإنسانية العامة المتصلة بالأخلاق.. وذلك لآثاره المدمرة ونتائجه الوخيمة على الأفراد والجماعات والمجتمعات قاطبة، لأن الكذب ضلال وتضليل وزيف وتزوير،وباطل وتسويف، ولا يضع نفسه إلا في مواجهة الحق المبين..
وماذا بعد الحق إلا الضلال.. الضلال كفر يناقض الإيمان و المؤمن لايكذب أبدا، فإن فعل فقد خرج من دائرة الإيمان إلى دائرة الكفر..

(2)
لم يعد الكذب، ذلك الكذب التقليدي بوسائله التقليدية وآثاره المحدودة، ولكنه أضحى صناعة ضخمة، تدخل فيها رؤوس الأموال الضخمة، ومؤسسات وشركات عملاقة واستثمارات واسعة، وتكنولوجيا زكية وعقول منتجة للكذب، وعباقرة مَرَدوا على النفاق وتسويف الحقائق، وتزيين الباطل ليراه الناس حقاً..
لقد أصبح الكذب صناعة ضخمة تستخدم أحدث وسائل الإقناع وفنون وتقنيات صناعة الكذب، وذلك لدحض الحق وهزيمته ومناصرة جنود الباطل..
ومن اهم مطلوبات صناعة الكذب هو إيجاد أشخاص يفتقرون إلى الأخلاق والقيم، وهذا يكفي لصناعة أكبر مشروع لإنتاج الكذب والتضليل وتزييف الحقائق..

(3)
هذه الصناعة – أعني صناعة الكذب – تقف وراءها مؤسسات عملاقة مثل أجهزة الأمن في كل الدول والاستخبارات العالمية، وكبرى شبكات المافيا، والفساد عالميا وإقليميا ومحليا.. والأحزاب السياسية في حالات الصراع السياسي كالتي نعيشها الآن في السودان. ولصناعة الكذب أهداف وغايات خبيثة وأغراض غير نبيلة،
ففي حالة الصراع السياسي تصبح صناعة الكذب سلاح لضرب الخصوم السياسيين، وتشويه سمعتهم واغتيال شخصياتهم، وتدمير اسرهم ومستقبلهم، وقطع ارزاقهم.

(5)
وأخطر ما في هذا الأمر أن عباقرة صناعة الكذب ومن داخل غرف عملياتهم يستخدمون أغلبية الناس وخاصة البسطاء لترويج بضاعتهم البائرة هذه، وإنتاجهم القذر وبلا فائدة تعود للسريحة والمروجين لهذا الصنف من المنتج القذر، بل ما يعود على مروجي هذه البضاعة القذرة هو الضرر واكتساب الآثام واقتراف الخطايا، وإلغاء العقول حتى ان الواحد منهم يستقبل الأكاذيب والإفتراءات ويعمل على نسخها وترويجها وتصديقها دون وعي وإدراك لأهدافها ومآرب صُناعها…

(6)
إذن ولمواجهة هذا الباطل لابد أن يتصدى قادة الرأي في المجتمع وصُنّاع الرأي العام لهذه الأباطيل بصناعة الوعي والاستنارة..
صناعة الوعي تبدأ بمعرفة أهداف الصراع السياسي وطبيعته ومعرفة خفاياه، وصناعة الوعي هي المصل الواقي والحصن الحصين الذي يقي من الدمار الشامل الذي تحدثة صناعة الكذب في المجتمعات والتي من أحدث انتاجها (الذكاء الاصطناعي) الذي يستهدف (الغباء الطبيعي)..
….اللهم هذا قسمي فيما أملك..

نبضة اخيرة:
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى