الكتاب

خلف الأسوار.. سهير عبدالرحيم: تبكيك الجوامع الإتبنت ضانقيل..لقراية العلم وكلمة التهليل… الحوري كان بدري على الرحيل

خاص صوت السودان

قلت له أراك أصبحت وزيراً للتربية والتعليم! أجاب ضاحكاً: لا تسأليني عن السياسة يا سهير، لا علاقة لي بها، اسأليني عن تلاميذي ومدارسي و المعلمين .

ذاك كان الحوري الوزير الزاهد في المنصب المتنزه عن الكرسي و المعلم والمربي الرجل الأمة ، ذاك كان الحوري كنترول الشهادة السودانية مذ كان للشهادة وزنها وقيمتها وقداستها ورمزية معناها ومحتواها.

ذاك كان الحوري معلم الأجيال صديق الطبشورة والسبورة وطابور الصباح وجرس الحصة ، ذاك الحوري ابن التربية والتعليم المتدرج في السلم التعليمي والوظيفي وليس المتغول محاصصة وترضية و ولاءً وشلليات.

ذاك الحوري المؤرًّق بالطلاب وأحلامهم وإجلاسهم ودفاترهم الساعي لإقامة الامتحانات رغم أنف الحرب والعراقيل والدسائس والعقدة تلو العقدة أمام منشاره .

ذاك الحوري الوزير الذي يسير راجلاً دونما سيارة ولا حرس في حين يمتطي إلى جانبه وزراء ( زمان الغفلة) الفارهات مثنى وثلاث ورباع مدججين بالرصاص وحرسهم وجهلهم. والحوري المعلم يمشي على قدميه إلا من قلم رصاص في جيبه.

ذاك الحوري الذي غض مضجعه تسريب امتحان الكيمياء ولم يهدأ له بال حتى نال المجرم جزاءه و وُضع في السجن ؛ ويا للمفارقة حين قامت حاجة عائشة موسى عضو مجلس السيادة بالإفراج عن ذات المجرم في حملتها للإفراج عن السجناء إبان جائحة كورونا

أخبرته ذات مرة أنني بصدد تحقيق استقصائي عن كيفية تصحيح امتحانات الشهادة فضرب لي موعداً لأشاهد بأم عيني ، تم تفتيشي وتفتيش حقيبتي وإغلاق هاتفي بإجراءات لم أشهد مثيلاً لها في أي موقع حساس إلا حين طلب مقابلتي المبعوث الأمريكي دونالد بوث في العام 2019م .

أقول.. تم تفتيشي جيداً وكنت شاهدة على ورقة الإجابة التي تمر عبر 7 مصححين إن لم تخنِّ الذاكرة ضبطاً ومتابعةً واهتماماً وتركيزاً و هيبة تقول للطلاب إجاباتكم في حرز مصون و أيدٍ أمينة .

 تواصلنا بجد وكفاح كثيراً وطويلاً ومراراً من خلال مبادرتي (وصِّلني) التي أطلقتُها منذ أربع سنوات لترحيل طلاب الشهادة السودانية و طلاب شهادة الأساس مجاناً لمراكز الامتحانات .

فكان الحوري هو المنسق والمتابع واليقظ والحارس، هو الذي يمدنا بعدد التلاميذ و المراكز وبالمواقع الجغرافية لترحيل الطلاب إليها فلا يتنفس الصعداء هو إلا حين يضع آخر تلميذ في أصقاع السودان قلمه في نهاية آخر امتحان وأتنفس معه ذات الصعداء حين تعلو ابتسامة وجه تلميذ أوصلته المبادرة لقاعة الامتحان.

كتبت له آخر رسالة على هاتفه قبل وفاته بساعات استفسر عن أحد طلابه كان هو هو الحوري؛ تفاعلاً وبشاشةً وترحاباً ويداً ممدودةً بالخير والعطاء للجميع

*خارج السور:*

رحمك الله رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته في سدرٍ مخضود ، وطلحٍ منضود ،وظلٍ ممدود، وماءٍ مسكوب ، وفاكهةٍ كثيرة لا مقطوعةٍ ولا ممنوعة، اللهم جازه بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً ونقه من الذنوب والخطايا كما يٌنقى الثوب الأبيض من الدنس ولا حول ولا قوة إلا بالله.

( إنا لله وإنا إليه راجعون)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى