عالمية

ثغرة أمنية فادحة.. كيف وصلت إسرائيل لغرفة نوم هنية؟

متابعات صوت السودان

لم تتماسك الرواية الإيرانية كثيرا أمام المعلومات الجديدة التي تواردت تباعا خلال الساعات الماضية، بشأن ملابسات اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في قلب طهران، وداخل مبنى تابع للحرس الثوري، مما أثار تساؤلات عن حجم الاختراق الواسع في المنظومة الأمنية الإيرانية برمتها.

وكشفت مصادر لـ”سكاي نيوز عربية”، الخميس، أن هنية قتل “بانفجار داخلي لا بصاروخ”، بعدما سبق أن نقلت وسائل إعلام عن مصادر إيرانية قولها إن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس تم بـ”صاروخ موجّه نحو جسده مباشرة”.

وقتل هنية وحارسه الشخصي داخل مقر إقامتهما في دار الضيافة شمالي طهران، في هجوم منسوب إلى إسرائيل، إلا أن الأخيرة لم تعترف بمسؤوليتها إلى الآن.

كيف وقع “الانفجار الداخلي”؟

على نسق ما كشفت عنه “سكاي نيوز عربية”، قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية إن هنية قُتل بعبوة ناسفة تم تهريبها سرا إلى دار الضيافة في طهران حيث كان يقيم، وليس بصاروخ.

استندت الصحيفة إلى 5 مسؤولين، من بينهم إيرانيان وأميركي، للتأكيد على أن القنبلة كانت مخبأة قبل شهرين تقريبا في دار الضيافة التي يديرها ويحميها الحرس الثوري، وهو جزء من مجمع كبير يعرف باسم “نيشات” شمالي طهران.

أوضحت الصحيفة أن الانفجار أدى إلى اهتزاز المبنى وتحطيم بعض النوافذ، وتسبب في انهيار جزئي لجدار خارجي، وفقا للمسؤولين الإيرانيين وأعضاء الحرس الثوري الذين تم اطلاعهم على الحادث، كما كان هذا الضرر واضحا أيضا في صورة للمبنى الذي انتشرت صوره.

حسبما ذكرت المصادر، فإن هنية أقام في بيت الضيافة عدة مرات أثناء زيارته لطهران.

كان المسؤولون عن تنفيذ العملية قادرين على استغلال “هفوة أمنية” في مجمع يفترض أنه يخضع لحراسة مشددة، مما سمح بزرع قنبلة وإبقائها مخفية لعدة أسابيع قبل أن يتم تشغيلها في النهاية.

وقع الانفجار في حدود الساعة الثانية صباحا بالتوقيت المحلي، وقال المسؤولون إن موظفي المبنى ركضوا للعثور على مصدر الصوت الضخم، وقادهم إلى الغرفة التي كان يقيم فيها هنية مع حارس شخصي.

يعمل في المجمع فريق طبي هرع إلى الغرفة فور وقوع الانفجار، قبل أن يعلن مقتل هنية على الفور، في حين حاول إنقاذ حارسه الشخصي، لكنه أيضا فارق الحياة سريعا.

اتفقت تلك الرواية أيضا مع ما ذكره موقع “أكسيوس” الأميركي نقلا عن مصدرين مطلعين على الأمر، إذ قالا إن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (موساد) اغتال زعيم حماس السياسي بتفجير عبوة ناسفة زرعت مسبقا في غرفة نومه بمقر رسمي للحكومة الإيرانية.

أشار الموقع إلى أن “القنبلة كانت عالية الدقة ويتم إدارتها باستخدام الذكاء الاصطناعي، إذ جرى التفجير عن بعد من قبل عملاء الموساد الذين كانوا على الأراضي الإيرانية بعد تلقي معلومات استخباراتية بأن هنية كان بالفعل في الغرفة”.

ثغرات أمنية فادحة

يقترب الخبير العسكري والاستراتيجي العميد سمير راغب من تلك الرواية، مقدما تفاصيل عن إجراءات تأمين الشخصيات المهمة، إذ أوضح أن “تعتبر أي منشأة بها زوار تابعين للرئاسة موقعا رئاسيا، وتعامل أمنيا وفق هذا الإطار”، على اعتبار أن هنية كان في طهران لحضور مراسم تنصيب مسعود بزشكيان رئيسا جديدا لإيران.

وقال راغب لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه “من المفترض أن يكون المبنى على أعلى مستوى من درجات التأمين، إذ يتم اتخاذ إجراءات مشددة تتمثل في تطهير الموقع أمنيا بالتأكد من عدم وجود متفجرات وأجهزة إلكترونية غريبة أو كاميرات مراقبة أو حساسات، وتستخدم كل الوسائل لكشف المفرقعات وأي أجسام غريبة، ثم يتم التحري عن كل العاملين في الموقع، كما يكون كل المتعاملين في المكان الذي تقيم به شخصيات بارزة خاضعين للتعقيم الأمني، ويظلوا بداخله طوال فترة إقامة هذه الشخصيات”.

وإزاء هذا، يعتبر راغب أن تسريب عبوة انفجارية إلى داخل دار الضيافة التي كان يقيم فيها هنية وتحت أعين الحرس الثوري، يعني أن هناك “اختراقا فادحا” في المنظومة الأمنية الإيرانية.

وأضاف: “نتحدث عن إجراءات معروفة لتأمين تلك الشخصيات، فعند استلام الغرفة من قبل دائرة الأمن الأولى، التابعة للأمن الإيراني، يجري تفتيشها وتعقيمها، ثم تسليمها للدائرة الأمنية الثانية ممثلة في الحراسة الشخصية لهنية، لكن كل هذا بالتأكيد لم يحدث، مما يعني أن هناك خروقات وثغرات غير طبيعية”.

وأشار الخبير العسكري إلى أن “نشاط الموساد بات مكثفا في إيران خلال السنوات الأخيرة، وهناك إنفاق كبير لتجنيد عملاء وأشخاص غير موالين من داخل النظام الإيراني ذاته”.

كارثة تمس أمن إيران

في السياق ذاته، اعتبر الباحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية سرمد البياتي، في تعليقات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الحديث عن قتل هنية بتفجير داخلي “يمس إيران ويضرب مؤسستها الأمنية في الصميم”.

وأشار البياتي إلى أن “ما يدعم تلك الرواية وجود زياد النخالة (الأمين العام لحركة الجهاد) في دور مختلف بالمبنى ذاته، ولم يُصب بأي أذى”.

وأوضح أن هناك “تكتما إيرانيا شديدا” لتفسير ما جرى، مرجعا ذلك إلى أمرين، الأول أنه قد يكون هناك جهل كامل بالعملية وبطريقة حدوثها، والثاني أن الحديث عن تفجير داخلي “أمر كارثي”، إذ أن ما ذكر عن استهداف هنية بصاروخ موجّه كان أخف وطأة من تفجير غرفته، وفي كل الأحوال فالأمر يهدد المنظومة الأمنية برمتها.

وأضاف البياتي أنه “من المنتظر أن تصدر اللجنة المكلفة بالتحقيق في الواقعة نتائجها بعد انتهاء التحقيقات، ومن المؤكد أنها ستجد بقايا من الشيء المنفجر”.

واتفق البياتي وراغب على أن إيران لن تقدم رواية متماسكة لعملية اغتيال هنية.

وقال راغب: “سواء كان انفجارا داخليا أو صاروخا موجها، فهذا يثبت القصور والإهمال والترهل، والرواية المتماسكة لن تفيد طهران أو تبرأها من الإهمال الأمني”.

أما البياتي فقال إن “إيران نظام مغلق، ولا يتم داخله الإعلان عن كافة التفاصيل، كما أن إسرائيل لن تعلن شيئا من جانبها، وبالتالي فكل الأطراف ستخفي معلوماتها”.

كما ذكر مدير شؤون إيران في مجموعة الأزمات الدولية علي فايز، أن “هذه ليست المرة الأولى التي تنفذ إسرائيل عملياتها على الأراضي الإيرانية، إذ سبق وأن نفذت اغتيالات سرية لعدد من الشخصيات الإيرانية البارزة، من بينهم علماء نوويون وقادة عسكريون.

وأضاف فايز لموقع “سكاي نيوز عربية”: “هذا الاغتيال أتى بعد العديد من الاغتيالات لشخصيات بارزة والهجمات الكبرى ضد محور المقاومة جميع أنحاء المنطقة”.

واعتبر أن الهجوم “يظهر قدرة إسرائيل على الاستفادة من معلومات استخباراتية دقيقة لتنفيذ عملية نوعية ذات شأن كبير”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى