تقارير

في رسالة قوية لاثيوبيا .. مصر توقع اتفاقية دفاع مشترك مع الصومال

تقرير صوت السودان

 تسارعت وتيرة تطور العلاقات الثنائية بين مصر والصومال في الشهور الأخيرة، حيث أعلنت الحكومة الصومالية أنها أقرت اتفاقية للدفاع المشترك مع القاهرة، وذلك بعد أيام من زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى مقديشو.

ولم يصدر تعليق رسمي حتى الآن بشأن الاتفاقية من جانب مصر، التي تسعى لتعزيز وجودها في منطقة القرن الأفريقي وتقول إنها ترغب في المساهمة في دعم استقرار المنطقة، في ظل ما تواجهه من تهديدات.

ولم يتم نشر أي تفاصيل بشأن الاتفاقية.

كان التلفزيون الرسمي الصومالي قد ذكر يوم السبت على صفحته على منصة إكس أن الحكومة وافقت خلال اجتماع استثنائي، على اتفاقية دفاعية بين مصر والصومال، قال إنه تم توقيعها في يناير كانون الثاني الماضي.

وزار الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود القاهرة في يناير تلبية لدعوة نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في خضم تصاعد التوتر في منطقة القرن الأفريقي، على إثر توقيع إقليم أرض الصومال الانفصالي “مذكرة تفاهم” يمنح بموجبها إثيوبيا حق استخدام واجهة بحرية بطول 20 كيلومتراً من أراضيه لمدة 50 عاما.

وقال السيسي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الصومالي “الصومال دولة عربية ولها حقوق طبقا لميثاق الجامعة العربية في الدفاع المشترك ضد أي تهديد لها… مصر لن تسمح لأحد بتهديد الصومال أو أن يمس أمنها”.

وأضاف أن بلاده لن تسمح بأي تهديد لدولة الصومال أو أمنها وسيادتها، مؤكدا على رفض مصر للاتفاق بين أثيوبيا وإقليم أرض الصومال.

وفي أول جولة خارجية له بعد توليه منصبه هذا الشهر، أجرى وزير الخارجية المصري زيارة إلى الصومال التقى خلالها مع نظيره أحمد معلم فقي، وأعلن الجانبان التوافق على “أهمية تكثيف آليات التشاور السياسي والتنسيق بين البلدين والبناء على ما تم تحقيقه من تقارب خلال السنوات الماضية”.

وأكدت الخارجية المصرية في بيان أن القاهرة تولي اهتماما بتعزيز مستوى العلاقات مع دول القرن الأفريقي، وعلى رأسها الصومال، وكذلك رغبتها في الإسهام في دعم الاستقرار بدول المنطقة.

مواجهة الأطماع الإقليمية والدولية

ويرى اللواء محمد عبد الواحد خبير الأمن القومي المصري أن تعزيز التعاون بين مصر والصومال في مختلف المجالات لاسيما الجانب الأمني والعسكري يعد أمرا بالغ الأهمية للجانبين، ويواجه المخاطر التي تهدد منطقة القرن الأفريقي.

وقال عبد الواحد، وهو ضابط سابق في المخابرات مسؤول عن الملف الأفريقي، لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) “إعلان الصومال عن توقيع اتفاقية دفاع مشترك يمثل أهمية كبيرة للطرفين حيث تعزز هذه الاتفاقية التواجد المصري في القرن الأفريقي وهو ما يمثل أهمية كبيرة لأمننا القومي”.

وأضاف أن منطقة القرن الأفريقي تواجه تحديات عدة منها التنافس والأطماع من قوى إقليمية ودولية، ومخاوف من زيادة النزعات الانفصالية مما يهدد سيادة دولها، خاصة في ظل ما وصفها بأطماع إثيوبيا وتزكيتها للنزعات الانفصالية لبعض الأقاليم.

وأوضح قائلا “حاليا الحرب في السودان تهدد وحدته وقد تعرضه للتقسيم، وكذلك التحركات الإثيوبية في القرن الأفريقي تهدد وحدة الصومال وتدعم انفصال إقليم أرض الصومال”.

وأرض الصومال إقليم صومالي أعلن استقلاله من جانب واحد في عام 1991، لكن لم يعترف به المجتمع الدولي. وقالت الحكومة الصومالية إنها ستتصدى للاتفاقية التي وقعها الإقليم مع إثيوبيا بكافة الوسائل القانونية، ونددت بها بقاعتبارها “عدوانا” و”انتهاكا صارخا لسيادتها”.

وقال عبد الواحد “المخاطر التي تواجه وحدة واستقرار السودان والصومال تشكل تهديدا مباشرا لأمننا القومي، الصومال يتعرض لتهديدات كبيرة لوحدته بعد الاتفاقية التي وقعتها أرض الصومال مع إثيوبيا، وهو ما يؤثر على الأمن القومي المصري بشكل مباشر، من هنا تأتي أهمية اتفاقية الدفاع المشترك بين الطرفين”.

وأشار إلى أيضا إلى مخاطر أخرى تواجه مصر نتيجة التوترات في السودان والصومال، مثل زيادة أعداد المهاجرين غير الشرعيين والإرهاب، هذا بالإضافة إلى جماعات الجريمة المنظمة.

وقال عبد الواحد إن حالة عدم الاستقرار في السودان دفعت إثيوبيا لمحاولة استغلال الأوضاع والعمل على تنفيذ أطماعها بالاستيلاء على الموانئ الصومالية.

وأضاف “الصومال مهدد بأطماع خارجية تسعى لسرقة ثرواته وتهديد سيادته، لذلك يحتاج إلى شريك استراتيجي كبير مثل مصر”.

وتابع الخبير الأمني المصري أن الصومال يحظى بأهمية كبرى دوليا وإقليميا بسبب قربه من مضيق باب المندب، البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، ويعد استقرار الدولة أحد الأهداف المصرية لما يحققه ذلك من استقرار لمنطقة البحر الأحمر ويؤثر إيجابا على حركة المرور في قناة السويس.

ومضى قائلا “بعد ما شكلته أثيوبيا من تهديدات لحقوقنا في مياه النيل من خلال إقامة سد النهضة دون اتفاق مع دول المصب، قررت مصر أن تكون قريبة من منابع النيل لحماية حقوقها، من خلال التوقيع على اتفاقيات أمنية واقتصادية مع العديد من الدول الأفريقية وإقامة المشروعات التنموية في هذه الدول”.

ويشوب العلاقات بين مصر وإثيوبيا توترات إثر بناء أديس أبابا سد النهضة بتكلفة تبلغ أربعة مليارات دولار، متجاهلة مطالب دولتي المصب مصر والسودان بضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم أولا بشأن قواعد الملء والتشغيل.

وأشارت تقارير إعلامية إلى أن إثيوبيا بدأت مرحلة التخزين الخامس للمياه خلف بحيرة السد بعد الانتهاء من الأعمال الخرسانية لتعلية الممر الأوسط، بعد أن كانت قد أعلنت الانتهاء من الملء الرابع في سبتمبر أيلول الماضي.

رسالة قوية

وترى أسماء الحسيني الخبيرة المتخصصة في الشؤون الأفريقية أن التعاون بين مصر والصومال أكبر من أن يكون موجها ضد أثيوبيا فقط.

وقالت لوكالة أنباء العالم العربي “أطماع إثيوبيا تشكل تهديدا مشتركا لمصر والصومال، لكن مجالات التعاون بين البلدين الشقيقين واسعة ويمكن تعزيزها لما يحقق مصلحة الجانبين”.

وأضافت “إعلان الصومال توقيع اتفاقية دفاع مشترك مع مصر هو رسالة قوية من مقديشو لأطراف عديدة تحاول تهديد أمنها وسيادتها، وهو ما يؤكد أن هذه الاتفاقية تهدف للحفاظ على أمن واستقرار منطقة القرن الأفريقي”.

وأوضحت أن إشارة الرئيس السيسي إلى اتفاقية الدفاع العربي المشترك خلال زيارة الرئيس الصومالي للقاهرة قبل شهور “تؤكد جدية مصر في الدفاع عن أمن واستقرار الصومال ومساندته على كافة الأصعدة في إطار العلاقات التاريخية بين البلدين”.

ودشنت شركة مصر للطيران، الناقل الوطني في البلاد، أولى رحلات خطها المباشر بين مصر وكلٍ من جيبوتي والصومال في وقت سابق هذا الشهر، فيما ذكرت وزارة الطيران المدني المصريّة أنه يأتي “في ضوء توجّهات الدولة المصرية وحرص وزارة الطيران المدني على تعزيز التواجد داخل القارة الأفريقيّة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى