تقارير

(4) سيناريوهات محتملة لإنهاء ملف الحرب في السودان

تحليل: أحمد يوسف التاي

لا أحد منا يدري على وجه الدقة متى سيطوي السودانيون صفحة الحرب بكل إسقاطاتها وسوءاتها وانتهاكاتها وقُبحها، ولكن بكل تأكيد هناك نهاية حتمية لكل حرب ، ففي الغالب تبدأ الحرب بالكلام وتنتهي بالسلام.

والسلام هذا هو أحد السيناريوهات الأربعة المحتملة التي نتناولها في هذا التحليل وفقاً لمعطيات محددة وشواهد وقراءات موضوعية وقرائن أحوال.

وطبقاً للمعطيات المشار إليها يمكن التكهن بحدوث أحد (4) سيناريوهات محتملة ستضع حداً للحرب الدائرة في السودان منذ الخامس عشر من ابريل وحتى كتابة هذه السطور..

*×السيناريو الأول:هزيمة “الدعم السريع“:*

من الراجح جدا ان تتلقى قوات حميدتي في مقبل الأيام صفعات قوية من الجيش السوداني، وهذه الفرضية تعززها معطيات كثيرة منها أن وحدات الجيش السوداني عبارة عن قوات منضبطة وتعمل وفقاً لخطط واستراتيجيات ورؤية واضحة ولها أهداف أكثر وضوحاً رغم ما حدث من أخطاء وتقديرات ليست صائبة في بداية المعارك،

غير ان الجيش الآن على مايبدو نظف صفوفه وسد كثيرا من الثغرات وتحرك في كل التجاهات سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً، كما أن الجيش السوداني يستند إلى جبهة داخلية متماسكة لم تتوانَ يوماً في دعمه، هذا علاوة عن أن قوات التمرد ظلت ولاتزال بما ارتكبت من فظائع تغذي نفوس السودانيين بالكُره والغبن والحاجة إلى الإنتقام منها، وهذا رصيد إضافي سيعود للجيش والجبهة الداخلية التي تساند وتدعمه .

هذا السيناريو الذي يرجح إنتهاء الحرب بهزيمة الدعم السريع يواجه في خطوط تحقيقه صعوبات كثيرة ابرزها البعد القبلي والقالب العشائري الذي وضعت هذه القوة نفسها فيه وحشدت له..

ومن هنا يبرز سؤال جوهري: هل سنشهد حركة تمرد قبلي جديدة أو مليشيا قبلية جديدة من صلب الحاضنة الإجتماعية للدعم السريع بعد القضاء عليها؟..هذا السؤال يبدو لي مهماً الإجابة عنه على درجة من الأهمية.

*×السيناريو الثاني:هزيمة الجيش السوداني:*

هذا السيناريو يُعد الأضعف من بين السيناريوهات المحتمل حدوثها، وذلك كما سبقت الإشارة أن قوات التمرد تحولت من خلال ممارساتها وسلوكها وانتهاكاتها واستهدافها للمدنيين إلى قوات بربرية ومتفلتة يستهويها نهب الأهالي والهجوم على القرى الآمنة والمدنيين العزل بغرض النهب أكثر مما يستهويها القتال والمواجهة مع الجيش.

وهذا السلوك وحده ما يعجل لها بالهزيمة ويجعلها بعيدة عن النصر ويوقر صدور الأهالي تجاهها، خاصة وأن التعاون الخالص من جانب الاهالي يُعد معادلة مهمة في تحقيق النصر ، وهو بعكس التعاون (المدفوع)الذي ينقطع بانقطاع (الظروف).

*×السيناريو الثالث: التدخل العسكري الدولي:*

سيناريو التدخل العسكري الدولي سعت له قوى خارجية وداخلية، غير أن الظروف لم تكن مواتية لذلك، كما ان الظروف الموضوعية للتدخل لم تكتمل طالما أن هناك فرص لم تُستنفد بعد، مثل مساعي الإتحاد الأفريقي والمساعي الإقليمية والدولية الباحثة عن الحل السياسي السلمي، هذه كلها تجعل الطريق نحو التدخل العسكري الدولي أمراً بعيداً، إذ لابد من إعطاء المساعي كلها الداخلية والخارجية الفرصة الكافية..

ثمة أمر آخر وهو أن إعلان التعبئة العامة وتشكيل جسم للمقاومة الشعبية سيقطع الطريق أمام القوات الدولية التي ستأتي لحماية المدنيين طالما أن الكثير من المدنيين انخرطوا في المقاومة الشعبية فهم ليسوا بحاجة إلى حماية طالما تحولوا من مدنيين الى مقاتلين، إذن هذا السيناريو يعد السيناريو الأضعف بعد سيناريو هزيمة الجيش..

*×السيناريو الرابع: الحل السياسي:*

يعد السيناريو الرابع من أقوى السيناريوهات المحتمل حدوثها بنسبة كبيرة جدا، وهو المرشح الأول للحدوث بما يجد من المعطيات وقرائن الأحوال التي تعزز حدوثة بشكل أكبر من غيره،

ولعل ابرز المعطيات التي تعضد حدوثه هو الرغبة غير المعلنة لدى الجيش والمتمردين على حد السواء في التفاوض. ورغم الضغوط على الجانبين من هنا وهناك لاستمرار القتال إلا أن وقف الحرب والوصول إلى تسوية سياسية هو غاية يسعى إليها كل طرف محارب، لكنه في نفس الوقت يصعد عملياته العسكرية لتعزيز موقفه التفاوضي.

ومن المعطيات التي تعزز هذا السيناريو هو الضغوط الدولية والاقليمية والمحلية التي تٌمارس على المتحاربين لإرغامهما على التفاوض والحلول السياسية ..

ثمة أمر آخر وهو المعاناة الطاحنة التي يقبع المواطن المقهور بين رحاها ويجثو بين مطرقتها وسندانها، بسبب الحرب التي تشنها قوات التمرد عليه اكثر من الجيش، وهو امر يجعل خيار التفاوض وقف الحرب لا احد يرفضه إذا ماتوفرت العدالة للإقتصاص من القتلة والمجرمين الذين ارتكبوا جرائم حرب ضد المدنيين العزل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى