الكتاب

صديق البادي: السودان والسعي لحبسه في بيت الطاعة الاستعماري

خاص - صوت السودان

الفاجعة الأليمة والكارثة اللئيمة والماساه المحزنة المؤلمة التي حدثت في قرية ود النورة بولاية الجزيرة المظلومة أحزنت الجميع وأبكتهم ولو اكتفى المجرمون بسرقة العربات والأموال والممتلكات والذهب من القرية كما فعلوا في قرى كثيرة تحت المفاجأة والتهديد بالقتل بالسلاح لكان ذلك أخف

ولكن يبدو جلياً أن تلك المأساة البشعة التي تزامنت في نفس اليوم مع الضرب العشوائي بالدانات والقتل في عدد من الحارات في الثورات بمحلية كرري الغرض منها هو الضغط على الجانب الحكومي ليرضخ ويشارك رغم أنفه في مفاوضات تعقد بمدينة جده والإذعان والقبول بمقرراتها سلفا

وهدفهم هو إعادة السودان لبيت الطاعة الاستعماري مرة أخرى ومواصلة ما حدث في فترة التيه الهمجية الانتقالية من وصاية أجنبية وهيمنة خارجية وكما ذكرت في المرة الفائتة فان المخطط اللئيم لو نجح وحدث التغيير وفق ما كانوا يشتهون

في يوم السبت الموافق الخامس عشر من شهر ابريل عام 2023م وتم اقتسام السلطة بين قيادة الدعم السريع والإطاريين والقحاتة فالمؤكد أن نزاعاً حاداً وصراعاً شرساً سيحدث بين الطرفين حول الصلاحيات وكيفية وضع السياسات وإصدار القرارات والتعيينات والعلاقات الخارجية وتسيير الدولة

وستحسم قيادة الدعم السريع الصراعات والخلافات بالسلاح والقتل بدم بارد وإرسال القحاتة والإطاريين للمقادير لا للمعتقلات وما حدث قبل وأثناء التخطيط للانقلاب الذي فشل كانت حساباته خاطئة (والفي البر عوام).

والفاجعة الأليمة والكارثة اللئيمة التي حدث في قرية ود النورة قابلها الخواجات ومن والاهم من أذيالهم وتابعيهم ببرود شديد ولم تصدر عنهم إدانات وشجب لها ولم تحرك ساكناً في المنظمات الأجنبية التي تدعى إنها تدافع عن حقوق الإنسان وهي تكيل بمكيالين ولم يحرك مجلس الأمن ساكنا

وعند انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة في عام 1960م وقف الزعيم السوفيتي خرتشوف وخلع حذاءه وطرق به المنضدة داخل القاعة عدة طرقات معبرا عن غضبه ورفضه لبعض القرارات والتصرفات التي يرى أنها مجحفة وظالمة وما حدث ويحدث في السودان من قوى البغي والعدوان يستحق أن تخلع عدة أحذية ويطرق بها على مناضدهم .

وتوجد ارتكازات لكل طرف من الطرفين والمسافات بينهما متقاربة ولكنهما لا يشتبكان في اغلب الأحيان ويتحاشيان ذلك والحرب الفعلية أصبحت موجهة من قوات الدعم السريع وعلى وجه الدقة من المتفلتين منها الذين يوجهون أسلحتهم للشعب السوداني وللمواطنين الأبرياء العزل من السلاح والعالم بخواجاته وعجمه وعربه يتفرج ….. ولو افترضنا أن الأطراف المتنازعة التقت في مائدة مفاوضات وخصصت المرحلة الأولى لحسم موضوع الوضع العسكري في السودان فان هذا الوطن فيه جيش واحد أسس في عام 1925م وهو امتداد لقوة دفاع السودان

وهو جيش راسخ الجذور صفحاته على مدى أكثر من قرن من الزمان ناصعة البياض وهو جيش السودان وليس جيش فلان ا وعلان أو فلتكان ,…..

وفي الفترة الماضية اخذ أعداء الجيش يرددون زوراً وبهتاناً انه جيش الكيزان وجيش الأخوان ليستعدوا الآخرين والعالم عليه . والشعب يعترف بوجود جيش واحد هو جيش السودان وقوامه مهنيين غير مسيسين وغير مؤدلجين والذين يساندونه من المستنفرين بغض النظر عن انتماءاتهم المختلفة فان مكانهم هو الميدان تحت توجيه وإمرة القيادة العامة للقوات المسلحة القاصرة على العسكريين المهنيين العاملين فيها فقط .

أما قوات الدعم السريع فقد أسست قبل سنوات قليلة في العهد السابق ومهامها مهمة ومحدودة (حراسة الحدود ومنع تهريب البشر وغير ذلك من أنواع التهريب وإطفاء البؤر الساخنة وكسر شوكة المتمردين … الخ)

ولم يكن لهم وجود يذكر في العاصمة وعددهم كان محدوداً (حوالي عشرين ألف أو أقل ) وأدوا في وقتها ادواراً مقدرة مشكورة غير منكورة وحدثت تفلتات وأخطاء صغيرة عولجت في وقتها وكان رئيس هيئة الأركان حازماً معهم وحريصاً على أن يكونوا منضبطين عسكريا تحت مظلة القوات المسلحة ولكن الرئيس السابق انحرف بمهمتهم وعندما اهتزت وكثرت شكوكه في من حوله من سياسيين وعسكريين وأمنيين قرب إليه قوات الدعم السريع ومنحها كل ثقته وأرادها أن تكون حامية لكرسيه الرئاسي وكان يدخرها لمساندته والدفاع عنه ضد معارضيه في انتخابات عام 2020م التي كانت هي شغله أشاغل وهمه الأول ولذلك هياْ وفتح لها أبواب الثراء المالي العريض واعتبرها قوة عسكرية مستقلة قائمة بذاتها وقنن لها ذلك عبر البرلمان الديكوري (سماحة جمل الطين) المسمى المجلس الوطني .

وبعد انتصار ثورة التغيير وبداية الفترة الانتقالية وتحديداً منذ يوم السبت الموافق الثالث عشر من ابريل عام 2023م الذي حدث فيه تحالف ثنائي أدى لانتشارها بعرباتها وأسلحتها في العاصمة وترك لها الحبل على القارب ومنحت مكاتب ومعسكرات ….

مع المشاركة في حراسة المؤسسات الدستورية …. الخ والقصة طويلة أحداثها وتفاصيلها مثيرة وإذا افترضنا أن مفاوضات أجريت معها فيما يتعلق بالوضع العسكري فهل يتم التفاوض مع المنتمين للدعم السريع المسجلين والعاملين رسميا في الدولة أم يشرك المرتزقة الذين احضروا من بعض دول الجوار الأفريقي وعاثوا في الأرض فساداً أم هل يشرك الذين انخرطوا في الدعم السريع بعد اندلاع الحرب من مجرمي ولصوص تسعة طويلة ومن المجرمين الذين اخرجوا من السجون وتم تسليحهم ومدهم بالمواتر والعربات وتخصصوا في النهب والسلب والقتل وانتهاك العروض …..الخ

ام هل تتم المفاوضات مع من يوصفون بأنهم مستشارون . يقيمون في الخارج وهم (رايقين وفايقين) وقد كان لقيادة الدعم السريع وضعاً ولبناً سكبته على الأرض بعد أن انساقت وراء الثعلب الماكر ولن تستعيد وضعها السابق الذي أصبح من حكايات الماضي.

 وان القوى الاستعمارية الأجنبية التي تتعامل مع السودان بعنجهية تريد أن تفرض تنظيماً هلامياً قوامه تنظيمات سياسية وأحزاب صغيرة لا ترى بالمجهر وهي في وزن الريشة وليس لها تفويضاً شعبياً حتى لحكم قرية دعك من حكم قطر شاسع واسع بكل تعقيداته الآلية . والوطن بحاجة لحكومة قوية قوامها عمالقة من الخبراء والتكنقواط من الوطنين المعتدلين وسترد التفاصيل في الحلقة القادمة.

 والقول بان القوى الأجنبية تحارب السودان في إطار محاربة الإرهاب والمتطرفين المسلحين وفي إطار ما يطلق عليه الإسلام السياسي هو قول خاطئ وهم يدركون أن هذه مجرد ترهات وأكاذيب واتهامات باطلة وتتخذها غطاءً خادعاً كاذباً وهدفهم الأول والأخير هو إحداث قلاقل وأزمات وفوضى داخله ليتسنى لهم السيطرة على موارده الضخمة وثرواته الهائلة والمؤكدات السودان فيه تسامح ديني لا مثيل له … وكل مسلم يمكن أن يوصف بأنه إسلامي لأنه ليس بوذيا أو هندوسيا أو…… الخ وصفة إسلامي ليست حكراً على المنتمين لتنظيم واحد أو حزب أو طائفة أو جماعة أو طريقة . والإسلام هو دين العبادات والمعاملات . ومنذ الاستقلال ظلت كل الأحزاب ترفع شعارات إسلامية عندما تخوض الانتخابات وآن الأوان لإجراء مراجعات للوقوف على جلية الأمر وهل كان يتبع ذلك تطبيق أم إن ذلك كان من قبيل طق الحنك ودغدغة العواطف والكسب السياسي الرخيص مع ضرورة تركيز المراجعات في هذا الجانب على فترة الثلاثين عاما التي أمضاها النظام السابق في الحكم فهل كان يطبق نظاما إسلاميا فعليا ام انه كان يرفع مجرد شعارات لدغدغة العواطف وان بعض الممارسات كانت خصماً على التطبيق الصحيح للإسلام ؟ وفي كل الأحوال فان هذه المرحلة ليست مرحلة شد وجذب باسم الدين ويقتضي هذا إجراء مراجعات شاملة للوصول لرؤية واضحة لا

ضبابية فيها…….ولا للمتاجرة بالشعارات الإسلامية ولا للذين ينادوهن بفصل الدين عن الدولة بطريقة فيها وقاحة ولداحة وقلة أدب واستفزاز لمشاعر المسلمين والآن فان مجالات رسمية كثيرة معطلة ومناشط مجتمعية عديدة مجمدة رياضية واجتماعية وثقافية والمؤسسة الوحيدة في السودان الراسخة القوية هي المسجد. والمساجد في كل أرجاء القطر عامرة وممتلئة بالمصليين في كل الاوقات وعامرة بحلقات تلاوة القرآن الكريم وهذه محمدة كبيرة وهي التي تحفظ التوازن والاطمئنان النفسي في السودان وتمنح اليقين بفضل رب العاملين

خارج النص : مشروع الجزيرة

سألني احد الإخوة من أبناء شمال البلاد عن الوضع في مشروع الجزيرة وامتداد المناقل فقلت له أن الإمطار في الموسم الزراعي الصيفي في العام الماضي كانت جيدة والأوضاع الأمنية مستقرة ومع ذلك كانت الإنتاجية في الذرة وبقية محاصيل العروة الصيفية اقل كثيراً من المعدل العادي أما عن ضعف الإنتاجية في الموسم الشتوي المنصرم فحدث ولا حرج والمتابعة الميدانية كانت ضعيفة .

والآن فان الأوضاع الأمنية متردية وتبعاً لذلك ستتقلص المساحات المزروعة كثيراً وستكون المتابعة الميدانية شبه صفرية لان جل العاملين هجروا أماكن سكنهم وعملهم حفاظاً على أرواحهم وتاميناً لأنفسهم وأسرهم وهذا من حقهم .

ولكن الأوضاع الأمنية لا يمكن أن تتخذ شماعة تعلق عليها كل الأخطاء لان الأوضاع حتى لو كانت مستقرة فان الترع والقنوات ومجاري المياه أصبحت بسبب الإهمال مليئة بالحشائش الكثيفة مما يصعب معها انسياب المياه ويقتضي هذا تمويل إسعافي مالي عاجل من الدولة وجدية من الجهات المختصة ومتابعة ميدانية حقيقية دون اعتماد على التقارير المكتبية فقط….. وإذا فشل الموسم الصيفي القادم لا قدر الله ستحدث فجوة غذائية أن لم نقل قد تحدث مجاعة اوشبه مجاعة وتتبعها لا قدر الله تفلتات وانفجارات أمنية ….. ومشروع الجزيرة وامتداد المناقل يحتاج لعدة حلقات فيها حقائق وأرقام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى