الكتاب

نبض للوطن.. أحمد يوسف التاي: (الإطاري أو الحرب)، وارتد السحر على الساحر

نبض للوطن
أحمد يوسف التاي

(الإطاري أو الحرب)، وارتد السحر على الساحر
(1)
قبل ثلاث سنوات تقريبا بعث لي أحد الكتاب المشهورين بمقاله اليومي لنشره بالصحيفة التي كنت رئيس تحريرها، وكان الكاتب أسس مقاله على خبر كاذب مفاده أن رئيس الوزراء عبدالله حمدوك تسلم مبلغ خمسة مليون دولار من إسرائيل واشترى منها منزلا بكلفورنيا..بالطبع لم أنشر المقال ليس تعاطفاً أو انحيازا لحمدوك، ولكن لقناعتي أن الأمر يحتاج إلى تدقيق وتحري قبل النشر، وبالمقابل نشرتْ الكثير من الصحف والمواقع الخبر الذي تبيّن أنه كاذب بامتياز، وأن ناشروه أرادوا تشويه سمعة الرجل وتلطيخها للنيل من ثورة ديسمبر عندما أصبح حمدوك أحد رموزها بحكم المنصب… وأضطرتْ تلك الصحف للإعتذار خوفا من إجراءات قانونية اتخذت في مواجهتها.. وبالرغم من ذلك مازال البعض وفي إطار الكيد السياسي وتشويه سمعة (الآخر) الذي يخالفك الرأي، يستشهدون بذلك الخبر الكاذب كانه حقيقة بعد ماتبين لهم أنه لقيط مجهول الأبوين ..
(2)
(التوقيع على الإتفاق الإطاري أو الحرب)، هذه العبارة المنسوبة لقيادات قوى الحرية والتغيير، والتي يسير بها الركبان، ويُذوّد بها القطيع لأجل السير إلى مسافات بعيدة وبنفَس واحد، بدت هي الأخرى أكبر كذبة مريبة روج لها أعداء الثورة، لإيهام الرأي العام السوداني بأن قوى الحرية والتغيير هي التي أعلنت الحرب قبل اندلاعها، وهي التي خططت لها وهددت بها ونفذتها، وللأسف كثير من الناس انساقوا وراء هذه الدعاية السوداء دون تدقيق، أو تحري أو تثبُت إلى أن أظهر الله الحق، واستبان الناس كلهم أجمعون حقيقة الفيديو المبتور المجتزأ، حينما شاهد كل طلاب الحقيقة الفيديو كاملا ، واتضح جليا أن القيادي بقوى الحرية بابكر فيصل كان يتحدث خلال الإفطار السنوي لحزبه في 13 أبريل ( قبل 48 ساعة من الحرب) كان الرجل حكيما ومسؤولا وهو يحذر من إندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع وأشار إلى التخطيط لها من قبل أنصار النظام البائد.
وقال إن المخرج الوحيد للبلاد من هذا المأزق هو التوقيع على الاتفاق الإطاري والذي بدونه ستتجه البلاد نحو الحرب في ظل التشظي والانقسام الواقع في المؤسسة العسكرية.
وزاد : ( إذا اندلعت حرب في السودان فسوف تكون حرباً أهلية شاملة ولن تتوقف قبل أن تفكك السودان بشكل كامل…هذا هو كلام الرجل الذي أرى أن حديثة كان مسؤولا ورزينا..
(3)
ليس بابكر فيصل وحده الذي قرأ ملامح الحرب بين الجيش ومليشيا الدعم السريع قبل اندلاعها، وحذر منها، فقد سبقنا بابكر فيصل في ذلك التحذير من هذه الحرب التي كانت تشير إليها كل المعطيات، وأذكر في يوم كنت اتجاذب أطراف الحديث مع أحد منسوبي قوى الحرية (بلدياتنا) – عمر العبيد- قبل اسبوع من اندلاع الحرب، فقلت أن ممارسات الدعم السريع وتجاوزاته، وبيان الجيش الذي كشف فيه تلك التجاوزات كل ذلك، كان إعلان حرب رسمي، وقد حدث ماتوقعناه..
ما أشار إليه بابكر فيصل في الفيديو الذي تمت تجزأته وبتره كان كلاما عقلانيا وموضوعيا يشبه كلام رجال الدولة الذي يجلب الإحترام لقائله،وليس العكس، وحديثه هذا زاده إحتراما في نفوس الناس عندما عرفوا الحقيقة واستبان لهم المكر السيء الذي لايحيق إلا بأهله ، فأدركوا من الذي بتر الفيديو واجتزاه ولماذا؟ ،و من اشعل النار وأراد إلصاق التهمه بغيره من خلال فيديو مبتور، ومن أراد صرف النظر عن جريمته وتحويل الأنظار إلى غيره من خلال عمل يراد به الفتنة والفساد في الأرض.. ومن الذي لم يحسب حساب الابرياء وتشريدهم، وكل آم الحرب وأوجاعها..هل يستوي هو ومن يحذر منها، ويسعى لمنعها بالتوقيع على اتفاق فيه خير البلاد واستقرارها وامنها وحقن دماء شعبها..
(4)
في تقديري أن السهم الذي خرج من تلك (الكنانة) للإيقاع بقوى الحرية لتحميلها مسؤولية اشعال نار الحرب من خلال الفيديو المبتور، هو سهم يعود للفاعل الحقيقي الذي أشعل النار في الخفاء وأراد صرف الأنظار عن فعلته، وقد ارتد السهم إلى نحره…هذا ما ترمي إليه المؤشرات وقرائن الأحوال..
والحقيقة البائنة لطلابها أن حديث فيصل يتسق مع كل تحركات قوى الحرية والتغيير لإطفاء نار الحرب قبل وبعد إندلاعها، حتى لقاءات خالد سلك ومجموعته مع عبد الرحيم قبيل الحرب والتي لمز بها مناوي، كانت تنسجم مع تحركاتهم ولقاءاتهم بالطرفين لمنع الحرب، فهذه ادعى للتصديق أكثر من كونهم كانوا يحرضون على الحرب…فحديث مناوي كان عبارة عن همز ولمز وإيحاءات ولم يقدم قرينة واحدة تعزز أن قوى الحرية كانت تضرم النار في تلك الليلة، التي التقوا فيها كلا الطرفين لإثائهم عن الحرب كما كشفت القرائن المتواترة…
(5)
أعداء ثورة ديسمبر لم يكفوا يوما عن استهدافها، والتقليل من شأنها، وإشانة سمعة رموزها والاستخفاف بها والسخرية منها، فأطلقوا عليها ثورة (المخروشين)، و(المثليين)، والثورة المشؤومة إمعانا في تزهيد الناس فيها حتى يعافوا مجرد ذكرها، لذلك يجب أن يعي الناس جيدا حجم استهداف الثورة،والا ينساقوا كالقطيع وراء مجموعة قطعت الثورة الحبل السري الذي كانت تتغذى به سحتا ومالا حراما، ولذلك فهي حانقة ناقمة غاضبة على ثورة الشعب السوداني والتي سوف تصل لأهدافها وغاياتها النبيلة في الحرية والسلام والعدالة والديمقراطية والعيش الكريم في وطن آمن بإذن الله..
….اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة اخيرة:
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى