أخبار

ظهر صورة وصوت.. حميدتي يوجه خطابا إلى الأمم المتحدة

الخرطوم- صوت السودان
وجه قائد مليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي، خطابا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وظهر حميدتي صورة وصوت، مما كذب الحديث عن وفاته.

 

https://x.com/GeneralDagllo/status/1704929732108648551?s=20

نص الخطاب

سعادة الأمين العام للأمم المتحدة،
السادة رؤساء الوفود والمندوبون الموقرون،
إلى كل من خصص حياته لخدمة مؤسسة الأمم المتحدة النبيلة،
إلى أخوتي وأخواتي السودانيين داخل البلاد وخارجها،

يشرفني كثيراً بمناسبة افتتاح الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة أن أتوجه إليكم جميعاً بهذا الخطاب، وبلادنا العزيزة تمر بأكبر حرب في تاريخها الحديث، حربٌ أشعلها قادة وأنصار النظام القديم، الذي ثار ضده الشعب السوداني كله في ديسمبر ٢٠١٨، وذلك بالتحالف مع قيادة القوات المسلحة، التي تعادي التحول الديمقراطي والتغيير.

لقد عملنا في قوات الدعم السريع مع أخوتنا في القوى المدنية والآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والإيقاد، والآلية الرباعية المكونة من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعوية والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة، بكل جدٍ وصدقٍ وإخلاص من أجل إنهاء إنقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، الذي راجعنا موقفنا منه وصححناه ومضينا بقوة وبلا تردد في طريق العودة إلى مسار التحول الديمقراطي، الذي لا يمكن تحقيق أهداف ميثاق الأمم المتحددة بدون إنجازه. لكن قيادة القوات المسلحة المتحالفة مع قادة النظام القديم كانت تحاول باستمرار إعاقة الجهود المبذولة لإنجاح العملية السياسية، التي كانت على وشك الاكتمال.

لقد وافقنا في قوات الدعم السريع في سياق العمل من أجل العودة إلى مسار التحول الديمقراطي على مبدأ الجيش الواحد، واتفقنا مع قائد القوات المسلحة على المبادئ، التي كانت سوف تحكم عملية الإصلاح الأمني والعسكري وبناء الجيش الواحد، ووقعنا في 15 مارس، 2023 على ورقة الأسس والمبادئ، وأخطرنا في ذات اليوم ممثلي الرباعية والآلية الثلاثية والاتحاد الأوروبي في اجتماع ببيت الضيافة بأنه لم يتبقَ سوى قضية واحدة عالقة، متعلقة بالقيادة والسيطرة، سوف نعالجها بالتفاوض، وأنه سوف نوقع على اتفاق نهائي في الأسبوع الأول من أبريل، يُخرج العسكريين من السلطة.

لكن لأن نية قيادة القوات المسلحة المعادية للتغيير والتحول الديمقراطي كانت هي تقويض العملية السياسية وإفشال الجهود الرامية إلى إقامة نظام ديمقراطي، تراجع البرهان وقيادة الجيش المتحالفة مع النظام القديم عن تلك المبادئ بإشعال الحرب في الخامس عشر من أبريل.

لقد بدأت الحرب بمحاصرة قوة تابعة للقوات المسلحة معسكرات تابعة لقوات الدعم السريع جنوب الخرطوم. وحرصاً منا على منع أي فتنة أو أزمة يمكن أن تؤدي إلى الحرب، قمتُ بالاتصال هاتفياً بقائد الجيش وبرئيس بعثة الأمم المتحدة فولكر بيرتس وآخرين. ولكن بعد اتصالاتي الهاتفية بقليل، بدأت القوات التي كانت تحاصر قوات الدعم السريع بالهجوم عليها، بينما بدأ سلاح الطيران التابع للقوات المسلحة السودانية بشن هجمات جوية مكثفة على معسكرات ومواقع قوات الدعم السريع.

بعد وقوع الهجمات، لم يكن هنالك من خيار أمامنا سوى ممارسة حقنا الطبيعي والمشروع في الدفاع عن النفس وصد العدوان. هذه كانت هي بداية الحرب التي دمرت الخرطوم وتسببت في تشريد أكثر من أربع ملايين مواطن منها، وشردت الآلاف في دارفور وكردفان، وسببت أزمة إنسانية في المناطق التي تدور فيها العمليات العسكرية ولا تصلها المساعدات الإنسانية اليوم. هذا بجانب الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان التي تصاحب الحروب دائماً.

إن إشعال حرب الخامس عشر من أبريل، بالدمار والتشريد والانتهاكات التي حدثت، هو فعل إجرامي يقوِّض بشكل مباشر أو غير مباشر الأهداف السامية والقيم النبيلة التي تأسست من أجلها منظمة الأمم المتحدة، وهي الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وحماية حقوق الإنسان، وتقديم الإغاثة أو المساعدات الإنسانية، وتعزير التنمية المستدامة.

فحرب الخامس عشر من أبريل، التي سببت دماراً لم يسبق له مثيل في السودان، لا سيما في الخرطوم، تهدد باتساع نطاقها السلام والأمن في المنطقة. كما أن مشاركة عناصر من جماعة داعش الإرهابية، التي القينا القبض على أميرها، محمد علي الجزولي، وقتلة موظف المعونة الأمريكية جون قرانفيل في المعارك، تشير إلى إحتمالية تحول السودان إلى مسرح جديد لنشاط الجماعات الإرهابية، التي تهدد الأمن والسلم الدوليين في القارة الأفريقية. ويزيد من خطر الجماعات الإرهابية في السودان إطلاق قيادة الجيش في إطار تحالفها مع الإسلاميين دعوات للمدنيين للمشاركة في الحرب. وقد أصبحت هذه الدعوات غطاءً لمشاركة المتطرفين في الحرب باسم كتيبة البراء بن مالك، التي لها علاقة بجماعة النصرة.

إزاء هذه الأوضاع الإنسانية المتأزمة، قامت قيادة قوات الدعم السريع، من بين خطوات أخرى، بإنشاء الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية لتوفير المساعدات وتنسيق العمليات الإنسانية في المناطق التي تسيطر عليها قواتنا في الخرطوم ودارفور وكردفان. ولمعالجة التجاوزات والانتهاكات التي تقع في مناطق سيطرتنا، قمنا بتكوين لجنة لحسم التفلتات والظواهر السالبة، وتشكيل محكمة ميدانية لحسم التفلتات. وقد قامت اللجنة بمجهودات مقدرة من أجل معالجة التجاوزات والانتهاكات في مناطق سيطرتنا، وهي القضية التي نأخذها بجدية ونؤكد استعدادنا للتعاون بصدر رحب لمعالجتها بصورة كاملة. كما أن وحدة حقوق الإنسان التابعة لقوات الدعم السريع تقوم بتقديم المساعدات الإنسانية وتذكير قواتنا باستمرار بقواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني.

إن إنشاء الوكالة وتكوين لجنة حسم التفلتات وتشكيل المحكمة الميدانية وعمل وحدة حقوق الإنسان ما هو إلا تعبيرٌ عن سياسة قوات الدعم السريع القائمة على معالجة الآثار السالبة التي نتجت عن هذه الحرب، التي أشعلتها قيادة القوات المسلحة المتحالفة مع نظام البشير المباد، الذي ثار الشعب السوداني ضده وضد فساده وسياساته المدمرة التي قسمت وأضعفت البلاد.

لكننا علي الرغم من هذه الجهود، وجهود أخري قمنا بها لمعالجة آثار الحرب، ندرك تمام الإدراك بأن إيقاف دمار الحرب والمعالجة الحقيقية لقضية انتهاكات حقوق الإنسان يتطلبان إيقاف الحرب بالكامل وذلك بمعالجة أسبابها الجذرية. ولذلك انخرطنا بجدية كاملة ونية صادقة في مفاوضات جدة، التي ترعاها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية. ونجدد اليوم التزامنا بالعملية السلمية لوضع حد لهذه الحرب، التي فرضت علينا من قيادة القوات المسلحة وقادة نظام البشير المباد، الحالمين بالعودة إلى السلطة. وفي هذا الصدد، طرحنا، نحن في قوات الدعم السريع، رؤية لحل الأزمة وإيقاف الحرب، وذلك على الأسس والمبادئ الآتية:

1. إن الحرب التي تدور في السودان هي انعكاس لـ أو مظهر من مظاهر الأزمة السودانية المتطاولة. وذلك يستوجب أن يكون البحث عن اتفاق لوقف إطلاق نار طويل الأمد مقروناً بمبادئ الحل السياسي الشامل، الذي يعالج الأسباب الجذرية لحروب السودان. إن حرب الخامس عشر من أبريل يجب أن تكون الحرب التي تنهي كل الحروب في السودان. وهذا يقتضي مخاطبة جذور الأزمة في السودان ومعالجتها على نحوٍ يرفع المظالم التاريخية ويرد الحقوق، ويحقق الانتقال السلمي الديمقراطي، ويحقق السلام المستدام ويقر ويطبق العدالة الانتقالية.
2. نظام الحكم يجب أن يكون ديمقراطياً مدنياً، يقوم على الانتخابات العادلة والحرة في كل مستويات الحكم، ويمكِّن جميع السودانيين من المشاركة الفاعلة والحقيقية في تقرير مصيرهم السياسي، ومحاكمة الذين يديرون شؤون البلاد على كافة المستويات سياسياً في انتخابات دورية تنظم في أنحاء البلاد كافة. ولأن جوهر الديمقراطية هو التمثيل والمشاركة السياسية، فمن الضروري أن تعكس الحكومة المدنية في تشكيلها بحق وعدالة كل أقاليم السودان، وذلك عبر آليات أو أسس يتم الاتفاق عليها بين جميع الأقاليم.
3. إن المواطنين في أطراف السودان يملكون سلطات أصيلة لإدارة شؤونهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وينبغي أن يتفقوا عبر ممثلي إقاليمهم على السلطات التي تمارسها للقيام بما تعجز عن القيام به أقاليم السودان منفردة. وتتعزز تلك السلطات الأصيلة لدى المجتمعات المحلية، التي تتقاسم معها الحكومة القومية بالعدل السلطات والموارد. وبسبب التعدد والتنوع الباهر في السودان، فإن النظام الفدرالي غير التماثلي (أو غير المتجانس)، الذي تتفاوت فيه طبيعة ونوع السلطات التي تتمتع بها الوحدات المكونة للاتحاد الفدرالي، هو الأنسب لحكم السودان.
4. إن تصفية النزعات الاحتكارية غير المشروعة للسلطة والنفوذ سواء أكانت أيدلوجية راديكالية، أو حزبية، أو أسرية أو عشائرية، أو جهوية ضيقة أمرٌ لا مناص منه لرد السلطة إلى الجماهير. فالسودان يجب أن يتأسس كجمهورية حقيقية، السلطة والنفوذ فيها لكل السودانيين، لا يتمايزون في ذلك إلا بما تسفر عنه الانتخابات العادلة والحرة في ظل نظام ديمقراطي فدرالي حقيقي، قائمٌ على تقاسم السلطات وتشاركها.
5. الاعتراف بأن المدخل الصحيح لتحقيق السلام المستدام في السودان هو إنهاء وإيقاف العنف البنيوي، الذي تمارسه الدولة ضد قطاعات واسعة من السودانيين، لا سيما في أطراف السودان. وهذا يعني، من بين أشياء أخرى، أن السلام لا يعني إسكات أصوات البنادق أو إيقاف الاعتداءات المستمرة من موسسات الدولة القهرية وغير القهرية على المواطنين وأراضيهم أو ممتلكاتهم، وإنما كذلك إنهاء التفاوتات البائنة للجميع في المشاركة السياسية وتوزيع الثروة والفرص المتاحة للمجتمعات والمجموعات والأفراد للنهوض والتقدم لأقصى مدى ممكن في مجتمع تتوفر فيه العدالة الاجتماعية.
6. العمل علي إشراك أكبر وأوسع قاعدة سياسية واجتماعية ممكنة من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني واصحاب المصلحة والمرأة من كافة مناطق السودان. وذلك دون إغراق المفاوضات السياسية بعناصر النظام القديم والقوى المعادية للديمقراطية، لأن مشاركتهم سوف تؤدي إلى تمييع القضايا وتقويضها في خاتمة المطاف.
7. التأكيد على أن قضايا الحل السياسي لا تنفصل عن قضايا السلام المستدام، الأمر الذي يستلزم إيلاء مسألة إشراك جميع حركات الكفاح المسلح وأصحاب المصلحة من مناطق النزاع والحروب، لاسيما النازحين واللاجئين والرحل والمراة والشباب، أهمية خاصة.
8. الإقرار بضرورة تأسيس وبناء جيش سوداني جديد من الجيوش المتعددة الحالية، وذلك بغرض بناء مؤسسة عسكرية قومية مهنية واحدة، تنأى عن السياسة، وتعكس تنوع السودان في قيادتها وقاعدتها وفقاً للثقل السكاني، وتقوم بمهام حماية الدستور والنظام الديمقراطي، وتحترم المبدأ الثابت في المجتمع الديمقراطي القاضي بخضوع المؤسسة العسكرية للسيطرة والإشراف المدنيين. وفي هذا الصدد، ينبغي الإفادة من التجارب الإقليمية والدولية التي تم فيها بناء جيوش جديدة بهذه المواصفات والمعايير والأسس.
9. إن إقامة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية على الأسس العالمية المعتمدة لقومية ومهنية المؤسسات البيروقراطية والأجهزة العسكرية والأمنية للدولة هو أمرٌ ضروري لتصفية الوجود الحزبي أو السياسي داخلها، ولفعالية هذه المؤسسات والأجهزة وقدرتها على خدمة المواطنين، وتجنيب البلاد الصراعات والحروب، التي ظلت السمة المائزة للسودان منذ الاستقلال.
10. الإقرار بضرورة احترام وتطبيق مبدأ محاربة خطاب الكراهية والاتفاق علي حزمة إصلاحات قانونية وتبنِّي سياسات تعزز التعايش السلمي وقبول واحترام الآخر.

هذه المبادئ العشرة تعبِّر عن رؤيتنا للحل وطرحناها للمناقشة بين السودانيين، الذين يريدون إيقاف الحرب، وبناء دولة تصون حقوق الإنسان، وتحقق التنمية المستدامة وتساهم في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، الأهداف النبيلة التي تأسست من أجلها منظمة الأمم المتحدة.

إنني أدعوكم وأنتم تجتمعون في هذه الدورة لمناقشة التقدم الذي تم إحرازه في تحقيق أهداف المنظمة الدولية ألا تنسوا شعب السودان وأعمال العنف، التي فجرها الذين لا يريدون السلام ويعتقدون أنهم يستطيعون معالجة المشكلات بقوة السلاح، وعلى رأسهم الجنرال البرهان الذي فر من الخرطوم ليكون داعية من دعاة الحرب، ويتحدث زوراً باسم السودان وهو فاقد للشرعية بسبب انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر والانهيار الدستوري الكامل، الذي حدث بسبب حرب الخامس عشر من أبريل.

إنني أود أن أؤكد في ختام خطابي بأن مقاتلي قوات الدعم السريع البواسل ليست لديهم أي مشكلة مع شرفاء القوات المسلحة، الذين فرض عليهم البرهان وقادة النظام القديم الحرب.

إن قوات الدعم السريع على استعداد تام لوقف إطلاق النار في كافة أرجاء السودان للسماح بمرور المساعدات الإنسانية وتوفير ممرات آمنة للمدنيين ولعمال الإغاثة وبدء محادثات سياسية جادة وشاملة تؤدى إلى حل سياسي شامل وإقامة حكومة مدنية، تقود البلاد نحو التحول الديمقراطي والسلام الحقيقي الدائم.

في الختام، أتوجه إليكم جميعاً بأسمى آيات الشكر والتقدير، وأتمنى لكم التوفيق في مداولاتكم لصالح الشعوب والمجموعات التي تعاني في جميع أنحاء العالم، خاصة السودانيين الذين يتوقعون منكم الدعم والمساندة من أجل تحقيق السلام والاستقرار ونيل الحرية.

ولكم مني جزيل الشكر والتقدير.

الفريق أول محمد حمدان دقلو
قائد قوات الدعم السريع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى