الكتاب

نبض للوطن- أحمد يوسف التاي- عثرة في طريق الثورة

(1)
بإلقاء نظرة فاحصة تأخذ في الإعتبار كل الظروف والملابسات والأحداث الدامية التي شهدها السودان بعد 11 ابريل 2019، بدءاً بمجزرة الثامن من رمضان، ومرورا بحوادث إطلاق النار على المعتصمين، ومجزرة القيادة العامة اثناء فض الإعتصام، وانتهاءً بحرب مليشيا الدعم السريع على أهل الخرطوم وسلبهم ونهبهم، وسبي نسائهم وتشريدهم، فضلاً عن الحروبات القبلية الدامية، والخلافات السياسية المفتعلة، والحرب الإقتصادية بكل أنواعها القذرة، والانقلابات العسكرية الفاشلة والتي آخرها انقلاب 25 اكتوبر 2021 ،وافتعال المشكلات والأزمات، كل تلك الأحداث الدموية، الأمنية، السياسية، الإقتصادية، والحرب الحالية، كلها كانت ولاتزال تصب في معين واحد وهو استهداف ثورة ديسمبر المجيدة، وإلحاقها بثورات الربيع العربي، بهدف تعويق مسار التحول الديمقراطي، واجهاض الدولة المدنية قبل أن تتخلق..
(2)
انظروا إلى كل تلك الأحداث، ألم يكن هناك رابط بينها، أولم تكن أهدافها مترابطة ومنسجمة، ألم تكن أجندتها متسقة مع بعضها بحيث تخدم غايات محددة وتحقق أهدافا معينة، وهي إطفاء جذوة الثورة والحيلولة دون قيام دولة المؤسسات المدنية وحكم القانون والديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وبكل تأكيد هناك أطراف داخل حلبة الصراع تظل هي المستفيد الأول من استمرار القبضة الشمولية الدكتاتورية وتفريخ الفساد والإفلات من العقاب، واحتكار الثروات وموارد الدولة لدى فئة قليلة من الناس وإفقار بقية الشعب المغلوب على أمره، فكان لابد أن تُحارب الثورة بكل الوسائل والأسلحة، وما نعيشه اليوم هو فصل من فصول استهداف ثورة ديسمبر المجيدة وعرقلة مسار انتقال الحكم للمدنيين..
(3)
كثير من أصحاب الأوهام الكبيرة يجدون في انفسهم ميلا لمليشيا الدعم السريع لكون أن قائدها زعم أنه يحارب من أجل الديمقراطية، وتمهيد الطريق للسلطة المدنية، لكن من يأتي متخفيا للإجهاز على الديمقراطية والمدنية لن يكون غبيا لدرجة الإعلان عن هدفه الحقيقي، ففي الوجه الخفي من السياسة الدولية وماهو غير معلن في العمل الدبلوماسي يبرع ويُبدع الفاعلون في إخفاء الهدف الحقيقي بإظهار نقيضه تماما،كأن تطرح نفسك وسيطا لإنهاء حرب أو أزمة ما بينما هدفك الحقيقي هو تعميقهما وتعقيدهما أكثر، أو أن تتبنى حماية الديمقراطية بينما تعمل لإجهاضها.. مااسهل على الساسة والأبالسة أن يفعلوا ذلك بكل براعة..
يظل القول الفصل عندي أن ما كان قد حدث من مجزرة فض الاعتصام ، واستقطاب الادارات الأهلية وانقلاب 25 اكتوبر، واستباحة مليشيا الدعم السريع للخرطوم، كل واحدة من تلك هي عثرة من عثرات كثيرة في طريق طويل سيوصلنا يوما ما إلى هدفنا الاسمى وغاياتنا الأنبل وهي بناء مؤسسات الدولة المدنية والحكم الديمقراطي وسيادة القانون
….اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة اخيرة:
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى