الكتاب

من “جرف” الفشقة “لدحديرة” ابوعمامة، يا سودان لا تحزن(4-4)

عمار العركي يكتب

* مواصلة لقراءتنا التحليلية (للمشروع الإماراتى في منطقة القرن الإفريقى) ، والذى تسبب فى زيادة توتر الأوضاع وعدم إستقرارها بالمنطقة ككل ، وضربنا أمثلة عديدة مثل إحداث فتنة وخلافات بين (حكومة فرماجو وبرلمان بلاده) بسبب مساعى الامارات في الإستحواذ على الموانئ ، وبعد فشلها توجهت نحو.موانئ هيرجيسيا الصومالية الإنفصالية وعملت على دعمها وتقويتها ومساعدتها فى الحصول على الإعتراف بها دولياً كدولة نكاية في الصومال ، ذات السياسية والنهج الامارتي تكرر فى موانئ (دوارليه) في جيبوت ،وميناء (مصوع) فى ارتريا ، وميناء (عدن) الجنوبي فى اليمن وفى (السودان) فترة حكم الإنقاذ.
* ايضا ، تطرقنا كذلك ضمن سلسلة مقالاتنا ( الفشقة التى قصمت ظهر البعير) والتى قدمنا من خلالها قراءة تحليلية وتطرقنا الى التهديد والخطر الإماراتى على الأمن القومى السودانى وأمن البحر الأحمر برمته جراء المساعى والأطماع الإماراتية فى (آراضي وموانئ) السودان لإشباع رغباتها وتحقيق اطماعها وطموحاتها التوسعية مستخدمة كل الأساليب السياسية والإقتصادية والإستخبارية ،والذى بدأ بالإختراق وتجنيد العملاء والمتعاونين فى حكومة البشيرمن أعلى المستويات الوظيفية الى أدناه ، وبعد ذهاب حكومة البشير ،التى كانت تقاوم الإختراق الإماراتي الى حد ما ، خلت الساحة تماما للمخابرات والسفارة الإماراتية ، وباتت الامارات تدير السودان بالرموت كنترول الممثل في ما يعرف (بالرباعية) ، والتى ما هى الا عبارة عن اربعة جهات توافقت واتفقت على الأنصبة والنسب وتقاسم موارد السودان فيما بينها مستخدمة (ضعف وهوان وعمالة) أبنائه.
* السمة البارزة للسيطرة الإماراتية والحوم حول موانئ وشواطئ البحر هى استغلال اجواء التوتر الأمنى والسياسي وعدم الإستقرار لسببين ، الأول فى الوضع الطبيعى والمستقر لن تقبل بها دولة فى آراضيها نسبة لإفتضاح مراميها ونواياها وتقديم مصلحتها السياسية والإقتصادية قبل كل شئ ، السبب الثاني هو أن الإمارات ليس،بمقدورها تحقيق تطلعاتها ومطامعها الا فى الأجواء العكرة والأزمات المشتعلة لأن هذا ميدان خصب لأدواتها المتاحة ( المال + المخابرات) ، حيث أنها تفتقر للعمل السياسى الهادئ ومقنع و الدبلوماسى الناعم وسلس ، باعتبار انه اسلوب يتطلب صبر وتأني ، بينما الإمارات (ملولة وتستعجل النتائج) ،
* الإمارات تعتقد أنه (بالمال والمخابرات ) وحده يمكنها إختصار الوقت والمسافات وكل العقبات التى تقف فى طريقها ، وهو احد اسباب فشل المشروع الإماراتي الإستراتيجي ، وسيتواصل الفشل ريثما تغير الامارات في تلك الإستراتيجية وتنتهج اسلوب أمثل وانجع ، عنوانه احترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها ، والكف عن شراء ضعاف النفوس ، وإفساد زمم مسؤليها ونافذيها ورجال أعمالها بالمال ، فكل هذا المال وتلك الأنشطة الإستخبارية الهدامة ستضيع هباءاً منثورا ، طالما أن مشروعها يتصل مباشرة بالشعب السُودانى المتوجس ومرتاب ومجتمعاته الرافضة والمعارضة لهذا الإسلوب المريب
* كذلك حال اكتمال الإتفاق وعند التنفيذ ، نتوقع بأن يتطور الأمر الى تفجير صراعات وخلافات مكتومة بين مصر والسعودية من جهة والإمارات من جهة أخرى ، خصوصا وان السعودية لديها خلاف كبير مع الامارات بسبب ميناء عدن الجنوبى واستحواذ الامارات عليه دون رضا من السعودية ، قبل ان تغادره وتتوقف عن الصرف المادي علي حرب اليمن ، مما جعل السعودية تذهب لمهادنة الحوثيين وعقد اتفاق لهدنة مرغمة عليها .
* وبالتالى ، سارعت كل من السعودية ومصر لتأسيس كيان الدول الثمانية المشاطئة للبحر الاحمر وخليج عدن بغرض تامين وحماية البحر الأحمر ، ولقطع.الطريق امام الاطماع الاماراتية وتمددها في مناطق نفوذ وسيطرة دولتي البحر الاحمر ( مصر والسعودية).
* ايضا ، ستشهد شواطئ السودان والبحر الاحمر صراع وتنافس أكثر خطورة وضررا على السُودان بين الصين والولايات المتحدة ، خاصة وأن الأولى فى حالة غضب وإستفزاز بعد تحذير البنتاجون للسودان من ابرامه اي اتفاقيات مع الصين وروسيا ، بينما الصين على علم تام بأن الإمارات تعمل بالوكالة لأمريكا وتنوب عنها في هكذا اتفاقيات ،
* على مستوى الداخل السُودانى ، فمن شأن هذه اللصفقة زيادة حدة التوتر وعدم الإستقرار فى شرق السُودان الملتهب أصلاُ ، وقد بدأت ارهاصات ذلك فى البروز بين الأجسام والكُتل التى تُشكل مجتمع شرق السودان بين داعم ورافض ، وكل منهم يصرح ويتحدث عن الآخر باسلوب تجريمى وعدائي .
* كذلك نتوقع نشؤ ازمة داخل الجهاز التنفيذي الحكومى بين الجهات المختصة والمعنية بالاتفاق من الناحية “الأمنية” مثل جهاز المخابرات العامة والإستخبارات العسكرية الذين لابد وأن لديهم تحفظات ومآخذ على الصفقة كمهدد أمنى ولم نلتمس لهم أى دور فى الصفقة ، كذلك اتوقع تحفظات لوزارة الدفاع التى أوكل اليها أمر القوامة والوصاية على “قانون الجرف القاري والمنافذ البحرية” والتى لم نرصد لها دور أثر فى الصفقة ، “الفنية” مثل هئية الموانئ البحرية والكيانات العمالية المطلبية بالحر الأحمر، فالأولى جاهرت برفض التهميش والإقصاء من بداية الصفقة وحتى التوقيع.المبدئى ، والأخيرة لها مواقف سابقة وبيانات لاحقة رافضة.
* لربما يكون فى ظهور عضو المجلس السيادى الفريق ابراهيم جابر لأول مرة عند التوقيع المبدئي ، رسالة لتلك الجهات ، ولكني أعتقد هذا غير كافى لتخفيف حدة الهواجس والمخاوف من هذه الصفقة المريبة و الغامضة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى