الكتاب

كلام بفلوس | رجال تحت التراب ولكنهم أحياء بذكراهم ،،

الشريف حسين الهندى – طيب الله ثراه – بحق رجل كامل والكمال لله وحده .. بحق رجل كأمة تصوف فى شعاب قضية خلاص الوطن فما وهن ولا استكان بل ظل وحتى آخر لحظة من عمره المديد يجسد اصلب واشرس المواقف المنحاز إلى جانب شعبه .. ولعل بعد الشريف حسين عن مواطنيه بجسده لم يؤثر على تواصله معهم حتى على المستوى الشخصى فكنت ترى كل أبناء السودان من الغرب والجزيرة والشرق والجنوب هناك يتحلقون حوله حتى وهو فى بلاد الفرنج – لندن – التى إستخدمها الشريف كمركز لإعلامه ضد مايو .. وكان فى ذلك محقا وذلك لما يتمتع به موقع عاصمة الضباب من توسط بالنسبة للعالم كله .

ومن معالم تلك المواقف الرائعة والمشرقة التى حفلت بها حياة ذلك الرجل الرمز تلك الشرائط المسجلة التى أرسلها الشهيد البطل الشريف حسين الهندى مخاطبا جماهير الشعب السودانى بشكل عام وجماهير حسبه بشكل خاص .. والتى لخص فيها موقفه المستمر والثابت من النظام المايوى محذرا من مغبة الوقوع فى الشباك التى نصبها النظام للمعارضة .. فكانت كلماته زادا ودافعا حقيقيا للكثيرين وهو ان تحدث تلميحا لا تصريحا فقد وعد اكثر من مرة ان ينتقل من حالة التلميح لحالة التصريح ففعل .

فقد كانت سنوات المعارضة حافلة بشتى المواقف المتصاعدة والمتباينة فيها البطولية وفيها المتاجرة من بعض ضعفاء النفوس .. فيها الجسارة فيها ايضا الإنكسار من بعض المحسوبين عليها فيها الثبات والإهتزاز .. تلك المواقف التى ادت فى غالبيتها إلى حالة الإستمرار العقيمة لنظام مايو وغيبوبة من كانوا يتحكمون فى رقابنا .

قال الشريف فى معرض حديثه أنذاك عن التعاون مع نظام مايو لقد حددت موقفى تحديدا لا رجع فيه ( إن يدى اليمنى هذه إذا ما امتدت إلى النظام فستقطعها يدى اليسرى .. وإن أبى إذا ما بعث حيا وكان مع النظام فساقاومه) وبالتالى إذا ما كان أخى أو شقيقى مع النظام فسأحاربه بنفس الشراسة التى احارب بها هذا النظام .. ولذلك فاليعلم من لا يعلم ومن لا يريد أن يتعلم أننى والله واقف ضده بكل الشراسة والشجاعة التى أملكها حتى نهزمه .. أو يسقط دون ذلك.. ليكن لنا شرف المواقف معاهدا بذلك الله ثم الوطن والشعب .. وليس مثلى من يلوح له بالموقع أو مكسب زايل لأننا أصحاب مبادئ نقف مع المبدأ الصحيح مع الشعب السودانى مع معارضة هذا النظام .

ولهذا فإن الذى يريد ان يركب فى مركبة النظام الغارق سيكون مثل الجرذان الذين يسبحون عكس التيار فهو جرذ يهرب إليها .. وأصحاب النظام والمنتفعين من عناصره يسبحون في طلب النجاة بينما هو يسبح فى طلب اللحاق بها .. يا لخجلهم ! فقد حفلت سنين المقاومة ضد مايو بالذين كانوا يدخلون إلى المعارضه من باب ليخرجوا ويدخلوا للنظام من الباب الآخر .. ولقد كان الشهيد الخالد الشريف حسين الهندى يرصد كل ذلك وكانه يعيش بينهم ويتنقل معهم فى الخرطوم حيث يتابع فى دقة متناهية كل ما يدور فى الإجتماعات التى يعقدها النظام المايوى .. خاصة تلك التى كانت تتم مع الساقطين والمنتفعين من المحسوبين على المعارضة .

اردت من كل ذلك أن أقوم بتوضيح المواقف الوطنية الصلبة والخالدة لاشخاص اثروا حياتنا وليس فيها ذكريات لناس غادروا الدنيا الفانية .. فالشعب السودانى قادر ان يغفر للسياسى ذلته العابره وليس خطيئته المتعمدة .. والسياسى يمكنه ان يحول خطأ ما إذا ما اتيحت له الظروف الزمانية والمكانية لحالة اخرى والجرأة فى الإعتراف بالمواقف الخطأ منها والصواب لا الإرتزاق والمتاجرة بألفاظ ومزايدة واحاديث تقال لمن اجل الإستهلاك .. والمناورة تقال بل والمتاجرة بجراحات اهلنا فى اكثر المرات .. رحم الله الشريف حسين الهندى ومن سبقه او تبعه من اولئك المناضلين الميامين وليلهمنا الله الصبر والثبات .

تاج السر محمد حامد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى