الكتاب

محمد وداعة: الاحتجاجات وحدها لن تؤدي إلى اسقاط النظام

ما وراء الخبر

محمد وداعة

لا حل الا عبر مشروع الدولة الوطنية

الاحتجاجات وحدها لن تؤدى الى اسقاط النظام الا ربما عبر اسقاط الدولة

اسقاط الدولة طريق محفوف بمخاطر الانزلاق الى احتراب و صراع يهدد بتفتيت البلاد

البلاد فى اوضاع سياسية متأزمة واقتصاد منهار وانقسام حاد ضرب حتي المؤسسات العسكرية

الوضع الحالى لا يحقق افضلية للقوى السياسية فى معركتها لاستعادة العملية السياسية و الحكومة المدنية

الوضع الحالي الذي تعيشه البلاد لا يعود فقط الي فشل برنامج الحكومة الانتقالية في تنفيذ رؤي مستحيلة سياسيآ ، وعملياً ولا يوجد لها أساس نظري محكم ، وليس فقط لعدم فهم الحاكمين للصراع وتطوره ما بين الفئات السودانية المتصارعة علي اسس ثقافية وحضارية فحسب ، بل الي فشل النخبة السودانية في ايجاد مشروع الدولة الوطنية السودانية وعدم قدرة المجتمع علي تطوير نفسه نحو التعايش السلمى والاندماج القومي بخصوصياته، في كيان دولة حديثة من خلال الاعتراف بالآخر والاستناد علي المواطنة كرابط اصيل للنسيج الاجتماعي ونبذ سياسة التهميش والاقصاء وانهاء حالة الانقسام الحاد ، والفشل في الوصول الي نظام سياسي مستقر ، وانتشار الفساد وغياب المساءلة والمحاسبة ، مع تضارب السياسات الخارجية مع مصلحة البلاد العليا حسب الموجهات و التدخلات الدولية السافرة و محاولة فرض (بريمر) جديد على السودان ،لاعادة تشكيل الدولة السودانية و الاقليم على اساس نظرية الفوضى الخلاقة ،

لم يتغير هذا الوضع منذ الاستقلال فتعاقبت الحكومات العسكرية والمدنية علي حكم البلاد ، وقام الشعب السودانى بثلاث ثورات( اكتوبر 1964، ابريل 1985م، ديسمبر2019م) ، اطاحت بحكومات عسكرية ، بينما اطاحت الانقلابات العسكرية بالحكومات الديمقراطية المنتخبة ، واذا كانت الحكومات الانتقالية التى اعقبت اكتوبر و ابريل قد فشلت فى انجاز مهام الانتقال و التحول الديمقراطي ، فان حكومة حمدوك الانتقالية تجاوزت الفشل الى رهن البلاد للتدخل الدولى و تقاطعات اجهزة المخابرات ، و الارتماء فى احضان اسرائيل .

الوضع الحالي اوصل البلاد الى اوضاع سياسية متأزمة واقتصاد منهار وانقسام حاد ضرب حتي المؤسسة العسكرية، و سلام منقوص ادخل جيوش الحركات المسلحة الى وسط المدن دون انفاذ ترتيبات امنية ، مع تمدد دور قوات الدعم السريع على حساب القوات المسلحة .. و بروز ظاهرة تفشي الفساد واستغلال السلطة وتضارب السياسة الخارجية مع تنامي نفوذ الدولة العميقة ( الاسلاميين ) وتأثيرها الكبير علي الاوضاع السياسية و الاقتصادية ،

ووصلت الاوضاع الى مرحلة تستدعي من كل القوي المؤثرة ان تتشارك في تخطي الاوضاع الحالية بسلاسة وصولاً الى تغيير في بنية النظام الحاكم يمكن من انتشال البلاد من وهدتها والشروع في برنامج وطني يستهدف بناء الدولة الوطنية التي تحقق السلام والتنمية والوحدة والعدالة الاجتماعية وتحافظ علي سيادة البلاد ومصالحها العليا عبر تسوية تاريخية تفضي الى مصالحة وطنية شاملة ، معالجة تقود البلاد الى سلام عادل و دائم بمواجهة جادة للمظالم و مطالب المناطق المهمشة فى الشرق و الشمال و الغرب و الموروثة منذ عهد الاستعمار، ووضع البلاد فى مسار تطور جديد يلبى تطلعات الشعب السودانى ، و ذلك بمعالجة جذور الازمة و انهاء اسباب الحرب وهذا يقضى الوصول لتسوية تاريخية بمشاركة كل القوى السياسية و الاجتماعية الفاعلة ،

هذا المشروع يمكن الاتفاق عليه عبر مؤتمر دستورى يحدد نظام الحكم و كيفية الاستفادة من الثروة القومية عبر تنمية متوازنة و مستدامة ، وينبغى ان يقرر سياسة واضحة تتعلق بالسيادة الوطنية و الحفاظ على الامن القومى للبلاد و الاقليم و المساهمة الايجابية فى الامن و السلم العالمى ،

الوضع الحالى لن يقود الا الى اضعاف الجميع، و اهدار الموارد و الارواح و اضاعة الفرص ،وهو وضع لا يحقق افضلية للقوى السياسية فى معركتها لاستعادة العملية السياسية و الحكومة المدنية ، بسبب اختلافات هذه القوى و عدم اتفاقها على برنامج سياسي ، كما ان المواكب و الاحتجاجات وحدها لن تؤدى الى اسقاط النظام الا عبر اسقاط الدولة ، وهذا طريق محفوف بمخاطر الانزلاق الى احتراب و صراع يهدد بتفتيت البلاد ، لا سيما ان انتشار السلاح المقنن و شبه المقنن لدى جهات عديدة هى جزء من حالة الصراع الحالى.

نواصل..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!